نام کتاب : الزيارة والتوسل نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 76
أحمد يزوره على عادته ، فرأى القبر قد التصق بالأرض ولم يبق منه إلا القليل ، فقال : هذا من كثرة الغيث . . فسمع أحمد من القبر يقول له : لا ، بل هذا من هيبة الحق عز وجل ، لأنه عز وجل قد زارني ، فسألته عن سر زيارته إياي في كل عام ، فقال عز وجل : يا أحمد ، لأنك نصرت كلامي ، فهو ينشر ويتلى في المحاريب . يقول الحربي : فأقبلت على لحده أقبله ، ثم قلت : يا سيدي ، ما السر في أنه لا يقبل قبر إلا قبرك ؟ فقال لي : يا بني ، ليس هذا كرامة لي ، ولكن هذا كرامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لان معي شعرات من شعره . . ثم قال : ألا ومن يحبني لم لا يزورني في شهر رمضان ؟ [1] . وليست العبرة في صحة هذه الأخبار أو عدم صحتها ، إنما العبرة في ملاحظة أن ثقافة الزيارة عند الحنابلة لا تختلف كثيرا عنها عند الصوفية ، إلا في ممارسات خارجية قد يصنعها بعض الصوفية دون الحنابلة . . مع ملاحظة أن دعاة السلفية من المنتسبين إلى مذهب أحمد بن حنبل حين حاربوا هذا النمط من ثقافة الزيارة قد وجهوا حملاتهم على التراث الصوفي خاصة ، وتراث الطوائف الاسلامية الأخرى عامة ، وغضوا الطرف كاملا عما تراكم في تراثهم من ذلك . ولا ريب في أن الاحداث التي دونها ابن الجوزي في ( المنتظم ) في هذا الموضوع كانت صحيحة ، وفيها حدثان كان فيهما شاهدا ومعايشا ، وثمة حقيقة أخرى يثبتها ، ويشاركه فيها ابن كثير ، قد تفوق كل ما تقدم ذكره في ما تعارف عليه الحنابلة في الزيارة . .