عندما تتعرف على أفكاره ومبانيه وسلوكه ، تجد أنه لا يؤمن بالمفردة الغيبية حتى لو صح دليلها على مبناه ، ويتمحل لتفسيرها تفسيراً مادياً ! إنه نزَّاعٌ إلى الماديات ، معرضٌ عن الغيبيات ، وكأنه يكرهها ! ولو سألتهم عن مقولتهم عن ثقافة الغيبيات : ماذا يضركم أن يعتقد الناس بالغيبيات ؟ وأن يتلو الخطباء على أسماع المسلمين من منابر الجمعة ومنابر العزاء الحسيني آياتها ورواياتها ، ويشرحوا لهم مفاهيمها ، ويقصوا عليهم قصصها ؟ ! لقال قائلهم إن انشغال الأمة بالغيبيات يبعدها عن واقعها ، ويقلل من استجابتها للدعوة إلى العمل الإسلامي ، وأداء واجبها لإقامة الدولة الإسلامية ، وهذا يعني تخلف الأمة في الوعي والعمل السياسي الواجب ! هنا ينكشف سر حساسيتهم من الغيبيات ! فالواقع الذي يجب على الأمة وعيه هو الواقع الحسي السياسي فقط ، والغيب ليس من الواقع ، ولا يصح الانشغال به إلا بقدر ملح الزاد فقط ! من أين جاء هذا التعريف للواقع ، إلا من الفهم الغربي ، الذي يتفق تماماً مع الفهم السلفي في الحساسية من المعجزات والكرامات والغيبيات ؟ ! ! لقد انكشف السر ! فالمطلوب سَوْق الأمة في مساق معين ، وإيمانها بالغيبيات والمعجزات والكرامات يعيق ذلك ! لهذا تجب التخلية ثم التحلية ! التخلية من زيادة الإيمان بالغيبيات ، والتحلية بوعي الواقع الإسلامي والعمل السياسي له ! ولماذا لا يكون الواقع الإسلامي شاملاً لوعي الخارج الحسي ، ووعي الغيب في مختلف شؤون العقيدة والحياة ، وفي طليعته وعي مقامات النبي صلى الله عليه وآله