أما الأمر الثاني ، فهو أن المضطر قد يكون مضطراً إلى جاه أو مال أو أمر دنيوي أو أخروي ، وكل هؤلاء يستجاب لهم فيما اضطروا إليه عند انقطاعهم ودعائهم . لكن في هؤلاء المضطرين أناسٌ ليسوا مضطرين إلى دنياً ولا إلى آخرة ، بل مضطرون إلى الله تعالى ، ولا يعرفون غيره ، ولا يشعرون بغيره ! فهؤلاء يصلون إلى المقام الذي قال عنه الإمام الحسين عليه السلام في دعائه : ماذا وجد من فقدك ، وما الذي فقد من وجدك ، لقد خاب من رضي دونك بدلاً ، ولقد خسر من بغي عنك متحولاً ، كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان ، وكيف يطلب من غيرك وأنت ما بدلت عادة الامتنان ) . ( البحار : 95 / 226 ) ( 5 ) فهؤلاء وجدوا الله تعالى ولم ( يجدوا ) غيره ، وبذلك يحصلون على كل شئ . ونفس الكلام يقال بالنسبة إلى المضطر إلى ولي الله الأعظم صلوات الله عليه ، فلو اضطر اليه لشئ من الدنيا أو الآخرة ، وتوسل به إلى الله منقطعاً ، فسوف يحصل على نظرة وعناية منه يكون بها تلبية حاجته . لكن هذه الحاجات تشبه حاجات الأطفال بالنسبة إلى حاجة المضطر إلى نفس ولي الله الأعظم صلوات الله عليه ، ومن كانت حاجته من ربه نفس الإمام عليه السلام ، فذلك سيحظى به ويكون في مرتبة : وما الذي فقد من وجدك ؟ ! وعند ذلك يكون تعامل الإمام عليه السلام معه كما يقولون عن الإكسير . يقولون إن الإكسير إذا مس أي شئ تحول إلى مادة أطلقوا عليها اسم الكبريت الأحمر ، والكبريت الأحمر إذا مس أي مادة تحولت إلى الذهب الخالص ! فهنا ثلاث مراحل ، كما أن في الاضطرار إلى الإمام عليه السلام والوصول إليه ثلاث مراحل وثلاثة مقامات . ولا يتسع الوقت لشرح هذه المقامات .