فإذا التفتم إلى هذه الفروق عرفتم معنى الرحمة المطلقة التي وصف بها الأئمة عليهم السلام في الزيارات والأدعية ، فالرحمة المطلقة هي التي وسعت كل شئ ، ومطلق الرحمة لا تسع كل شئ . وينبغي هنا أن نعرف أن الآية في الأئمة المختارين من بني إسرائيل ، وهؤلاء ليسوا كأئمتنا عليهم السلام أهل الصبر المطلق والإمامة المطلقة . فالإمام المهدي صاحب الزمان أرواحنا فداه ، صاحب الإمامة المطلقة وليس مطلق إمام ، وهذا يعني أنه صاحب العلم المطلق بتعليم الله تعالى ، والقدرة المطلقة بإقدار الله تعالى ، والرحمة المطلقة بعطاء الله تعالى . فهو كلمة الله التامة ورحمته الواسعة . . صلوات الله عليه . توجد رواية عن الإمام الرضا عليه السلام يصف فيها الإمام المهدي عليه السلام ينبغي أن نقرأها ، فهي من الغرر التي خص بها الحسن بن محبوب الزراد ، الذي هو من كبار علماء الطائفة ، من أصحاب الإجماع الذين أجمعت الطائفة على تصحيح ما يصح عنهم ( 7 ) ، والأئمة عليهم السلام لا يقولون كل المطالب لكل أحد ، بل يدخرون بعضها لأهلها . قال الحسن بن محبوب رحمه الله قال لي : ( لابد من فتنة صماء صيلم ، تسقط فيها كل بطانة ووليجة ، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض ، وكل حرَّى وحران ، وكل حزين لهفان . ثم قال : بأبي وأمي سميُّ جدي ، شبيهي وشبيه موسى بن عمران ، عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس ! كم من حرى مؤمنة ، وكم مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين ! كأني بهم آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب ، يكون رحمةً على المؤمنين وعذاباً على الكافرين ) . ( العيون : 1 / 9 ) ( 8 ) إن كلام الإمام لا مبالغة فيه فهو عين الواقع ، وأوصافه لهذه الفتنة حقيقية .