قال سليمان : إرادته منه ، كما أن سمعه وبصره وعلمه منه . قال الرضا عليه السلام : فأراد نفسه ؟ قال : لا . قال عليه السلام : فليس المريد مثل السميع والبصير . قال سليمان : إنما أراد نفسه كما سمع نفسه وأبصر نفسه وعلم نفسه . قال الرضا عليه السلام : ما معنى أراد نفسه ؟ أراد أن يكون شيئاً وأراد أن يكون حياً أو سميعاً بصيراً أو قديراً ؟ قال : نعم . قال الرضا عليه السلام : أفبإرادته كان ذلك ؟ قال سليمان : نعم . قال الرضا عليه السلام : فليس لقولك أراد أن يكون حياً سميعاً بصيراً معنى إذا لم يكن ذلك بإرادته ؟ قال سليمان : بلى ، قد كان ذلك بإرادته . فضحك المأمون ومن حوله . وضحك الرضا عليه السلام ثم قال لهم : إرفقوا بمتكلم خراسان . يا سليمان ، فقد حال عندكم عن حاله وتغير عنها ، وهذا ما لا يوصف الله عز وجل به . فانقطع ! ! ثم قال الرضا عليه السلام : يا سليمان أسألك عن مسألة . قال : سل جعلت فداك . قال : أخبرني عنك وعن أصحابك تكلمون الناس بما تفقهون وتعرفون ؟ أو بما لا تفقهون ولا تعرفون ؟ قال : بل بما نفقه ونعلم . قال الرضا عليه السلام : فالذي يعلم الناس أن المريد غير الإرادة ، وأن المريد قبل الإرادة ، وأن الفاعل قبل المفعول ، وهذا يبطل قولكم : إن الإرادة والمريد شئ واحد . قال : جعلت فداك ليس ذلك منه على ما يعرف الناس ولا على ما يفقهون . قال الرضا عليه السلام : فأراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفه وقلتم : الإرادة كالسمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف ولا يعقل ! فلم يحر جواباً ! ثم قال الرضا عليه السلام : يا سليمان هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار ؟ قال سليمان : نعم . قال عليه السلام : أفيكون ما علم الله تعالى أنه يكون من ذلك ؟ قال : نعم . قال : فإذا كان حتى لا يبقى منه شئ إلا كان ، أيزيدهم أو يطويه عنهم ؟ قال سليمان : بل يزيدهم . قال عليه السلام : فأراه في قولك قد زادهم ما لم يكن في علمه أنه يكون . قال : جعلت فداك فالمريد لا غاية له . قال : فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك ، وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون ! تعالى الله عز وجل عن ذلك علواً كبيراً .