آدم في الجنة لا في الأرض وعصمته يجب أن تكون في الأرض لتتم مقادير أمر الله ، فلما أهبطه إلى الأرض وجعله حجة وخليفة عصمه بقوله عز وجل : إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ( سورة آل عمران : 33 ) وأما قوله عز وجل : وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ، إنما ظن بمعنى استيقن أن الله لن يضيق عليه رزقه ، ألا تسمع قول الله عز وجل : وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ( سورة الفجر : 16 ) أي ضيق عليه رزقه ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر . وأما قوله عز وجل في يوسف : وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا فإنها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله ! فصرف الله عنه قتلها والفاحشة وهو قوله عز وجل : كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ( سورة يوسف : 24 ) يعني القتل والزنا . وأما داود عليه السلام فما يقول من قبلكم فيه ؟ فقال علي بن محمد بن الجهم : يقولون إن داود عليه السلام كان في محرابه يصلي فتصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون الطيور ، فقطع داود صلاته وقام ليأخذ الطير ، فخرج الطير إلى الدار فخرج الطير إلى السطح فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان ، فاطلع داود في أثر الطير بامرأة أوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ، وقد أخرج أوريا في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا أمام التابوت ، فقدم فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل أوريا ، فتزوج داود بامرأته ! قال : فضرب الرضا عليه السلام بيده على جبهته وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ! لقد نسبتم نبياً من أنبياء الله عليهم السلام إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ثم بالقتل ! فقال : يا بن رسول الله فما كان خطيئته ؟ فقال : ويحك ! إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم منه فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب ، فقالا : خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ . إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ . قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ ( سورة ص : 22 - 24 ) فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه