دون معناه ، فلولا أن ذلك كذلك لكان المعبود الموحد غير الله ، لأن صفاته وأسماءه غيره ، أفهمت ؟ قال : نعم يا سيدي زدني . قال الرضا عليه السلام : إياك وقول الجهال من أهل العمى والضلال الذين يزعمون أن الله جل وتقدس موجود في الآخرة للحساب في الثواب والعقاب ، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ، ولو كان في الوجود لله عز وجل نقص واهتضام ، لم يوجد في الآخرة أبداً ، ولكن القوم تاهوا وعموا وصموا عن الحق ، من حيث لا يعلمون ، وقوله عز وجل : وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ( سورة الاسراء : 72 ) يعني أعمى عن الحقائق الموجودة ، وقد علم ذووا الألباب أن الاستدلال على ما هناك لا يكون إلا بما هاهنا ، ومن أخذ علم ذلك برأيه وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها ، لم يزدد من علم ذلك إلا بعداً ، لأن الله عز وجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون . قال عمران : يا سيدي ألا تخبرني عن الإبداع أخلق هو أم غير خلق ؟ قال الرضا عليه السلام : بل خلق ساكن لا يدرك بالسكون ، وإنما صار خلقاً لأنه شئ محدث والله تعالى الذي أحدثه فصار خلقاً له ، وإنما هو الله عز وجل وخلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما ، فما خلق الله عز وجل لم يعد أن يكون خلقه ، ويكون الخلق ساكناً ومتحركاً ومختلفاً ومؤتلفاً ومعلوماً ومتشابهاً ، وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عز وجل . واعلم أن كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس ، وكل حاسة تدل على ما جعل الله عز وجل لها في إدراكها ، والفهم من القلب بجميع ذلك كله . واعلم أن الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقاً مقدراً بتحديد وتقدير وكان الذي خلق خلقين اثنين التقدير والمقدر ، وليس في كل واحد منهما لون ولا وزن ولا ذوق ، فجعل أحدهما يدرك بالآخر وجعلهما مدركين بنفسهما ، ولم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره ، للذي أراد من الدلالة على نفسه ، وإثبات وجوده ، فالله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثاني معه يقيمه ، ولا يعضده ، ولا يكنه ، والخلق يمسك بعضه بعضاً بإذن الله تعالى ومشيئته .