بالصورتين : دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً ! فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدين فتناولا الحاجب ورضضاه وهشماه وأكلاه ولحسا دمه ! والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون ! فلما فرغا منه أقبلا على الرضا عليه السلام وقالا : يا ولي الله في أرضه ماذا تأمرنا نفعل بهذا ، أنفعل به ما فعلنا بهذا ؟ يشيران إلى المأمون ! فغشي على المأمون مما سمع منهما ، فقال الرضا عليه السلام : قفا ، فوقفا ! قال الرضا عليه السلام : صبوا عليه ماء ورد وطيبوه ، ففعل ذلك به وعاد الأسدان يقولان : أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه ؟ قال : لا ، فإن لله عز وجل فيه تدبيراً هو ممضيه . فقالا : ماذا تأمرنا ؟ قال : عودا إلى مقركما كما كنتما ، فصارا إلى المسند وصارا صورتين كما كانتا ! ! فقال المأمون : الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران ، يعني الرجل المفترَس ، ثم قال للرضا عليه السلام : يا ابن رسول هذا الأمر لجدكم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لكم ، فلو شئت لنزلت عنه لك ! فقال الرضا عليه السلام : لو شئت ناظرتك ولم أسألك ، فإن الله تعالى قد أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين ، إلا جهال بني آدم فإنهم وإن خسروا حظوظهم فلله عز وجل فيه تدبير ، وقد أمرني بترك الاعتراض عليك وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك ، كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر ! قال : فما زال المأمون ضئيلاً في نفسه إلى أن قضى في علي بن موسى الرضا عليه السلام ما قضى ) ! ( ورواه الطبري في دلائل الإمامة ص 376 ، وابن حمزة في المناقب ص 467 ) ( 5 ) هذا هو علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه ، الذي سطعت شمس براهينه على العالم ، وأفحمت عدوه وحاسده المستكبر ، فرأى أنه لا بد أن يتخلص منه بقتله ، قبل أن يعشو المسلمون إلى ضوء هداه . اللهم بجاه الرضا عندك ، وبحرمته لديك :