أمر بستارة فضربت ، ثم أقبل على بعض من كان في الستارة فقال : بالله لما رثيتِ لنا من بطوس ، فأخذت تقول : سقياً لطوسٍ ومن أضحى بها قَطَنا * من عترة المصطفى أبقى لنا حَزَنا قال ثم بكى وقال لي : يا عبد الله أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك أن نصبت أبا الحسن الرضا عليه السلام علماً ، فو الله لأحدثُك بحديث تتعجب منه : جئته يوماً فقلت له جعلت فداك إن آبائك موسى بن حعفر وجعفر بن محمد ومحمد بن علي وعلي بن الحسين ، كان عندهم علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وأنت وصي القوم ووارثهم وعندك علمهم ، وقد بدت لي إليك حاجة ؟ قال : هاتها . فقلت : هذه الزاهرية حظيتي ولا أقدِّم عليها أحداً من جواريَّ ، قد حملت غير مرة وأسقطت ، وهي الآن حامل ، فدلني على ما نتعالج به فتسلم . فقال : لا تخف من إسقاطها ، فإنها تسلم وتلد غلاماً أشبه الناس بأمه ، ويكون له خنصر زائدة في يده اليمنى ليست بالمدلاة ، وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة ! فقلت في نفسي أشهد أن الله على كل شئ قدير ، فولدت الزاهرية غلاماً أشبه الناس بأمه ، في يده اليمنى خنصر زائدة ليست بالمدلاة ، وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة ، على ما كان وصفه لي الرضا ! ! فمن يلومني على نصبي إياه علماً ) . ( عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1 / 241 ) ( 3 ) بكى المأمون ، وكيف لا يبكي رغم طغيانه وتكبره ؟ ! وقد شاهد علم الإمام الرضا عليه السلام بمقادير الله تعالى فأخبره بيقين المحيط بالأمر : لا تخف من إسقاطها ، فإنها تسلم وتلد غلاماً أشبه الناس بأمه ! ! لقد شاهد المأمون قوله تعالى : وَكُلَّ شَئٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ( سورة النبأ : 29 ) وشاهد تطبيقه في قوله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نُحيْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَئٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ( سورة يس : 12 ) ورأى بعينيه وعقله أن الله تعالى يُطلع حجته الإمام المعصوم على مقاديره : إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من