بيعة الحاكم بالتهديد بالسيف ، من يوم السقيفة إلى يومنا هذا ، لكفى ! أليس عجيباً أن نقول إن الإسلام أعطى الإنسان قيمته الإنسانية ، وضمن له حرياته المشروعة ، ثم نرى أنه بمجرد أن أغمض النبي صلى الله عليه وآله عينيه صادروا حريات المسلمين في سقيفة قريش ، وسَنُّوا سُنَّة البيعة بالإجبار والتهديد بالقتل وحرق البيوت ! فلم نجد بعد ذلك اليوم في تاريخ الأمة حاكماً لم يجبر المسلمين على بيعته ، غير الإمامين علي والحسن صلى الله عليه وآله ! إن علينا عندما ننظر إلى أمجاد الإسلام العظيمة ، أن ننظر إلى ما يقابلها من جرائم عظيمة ، أدت إلى تبخير كل ذلك الكيان ، وجعله حكايةً في خبر كان ! وعندما نتحدث عن أزهى عصور الإسلام وقوة دولته في عصر هارون الرشيد ، علينا أن نعرف أيَّ سفاح كان هذا الخليفة ، الذي رأى كرامات الإمام الكاظم عليه السلام ومعجزاته وشاهد آيات الله على يديه ، فازداد قلبه قسوة ولم يقنع بسجنه الطويل ، حتى قتله ! أن نعرف أن هذا ( الخليفة الرشيد ) ظل يتلذذ بسفك الدماء وتقطيع الناس إلى أشلاء إلى آخر دقيقة من حياته كما يرويه محبوه وليس مبغضوه ! قال الطبري في تاريخه : 6 / 525 : ( عن ابن جامع المروزي عن أبيه قال : كنت فيمن جاء إلى الرشيد بأخ رافع ، قال فدخل عليه وهو على سرير مرتفع عن الأرض بقدر عظم الذراع ، وعليه فرش بقدر ذلك أو قال أكثر ، وفي يده مرآة ينظر إلى وجهه ، قال فسمعته يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ونظر إلى أخ رافع فقال : أما والله يا ابن اللخناء إني لأرجو أن لا يفوتني خامل ، يريد رافعاً ، كما لم تفتني ! فقال له : يا أمير المؤمنين قد كنت لك حرباً وقد أظفرك الله بي فافعل ما يحب الله ، أكن لك سلماً ، ولعل الله أن يلين لك قلب رافع إذا علم