إذاعات الدول العربية التي تسمح بذلك . كانت أنشودتنا الفكرية هي النظرة السنِّية إلى أمجاد تاريخ الاسلام في فتوحاته وحضارته وشمول دولته لكل آسيا وإفريقيا ، ووصولها إلى فرنسا . هذه النظرة التي تكاد تعتبر أن كل ما حدث في تاريخنا كان صحيحاً بل معجزة ، وتقول إن الأمة ابتعدت عن ذلك الإسلام الصحيح فتسلط عليها أعداؤها وقوضوا كيانها السياسي المتمثل بالخلافة العثمانية ، وأن علينا إعادة دولة الخلافة مجدداً ، مع تحسينات تجعلها تتسع لجميع مذاهبه . لكن هذا الفكر إن صح جواباً على هجمة الثقافة الغربية والشيوعية ، فلا يصح أن يؤثر علينا نحن أتباع أهل البيت عليهم السلام فنعطي الشرعية لمسار هذا التاريخ وأنظمته ، وننتقص من مقام أهل البيت الطاهرين عليهم السلام بصفتهم أصحاب المشروع البديل لكل التاريخ الإسلامي ، وإن لم يطبق مشروعهم بعدُ . فلا بد لنا أن نركز أولاً على قضيتهم عليهم السلام بصفتها البرنامج الرباني الذي تركته الأمة ، فتخبطت في ضياعها وصراعاتها وعانت منها ، أكثر مما نَعِمَتْ بما بقي فيها من زَخْم نبوي وهداية ، سلمت من شر برنامجها الأرضي ! لذلك وجب علينا أن نتعامل بدقة مع مفردات الفتوحات والإنجازات المدنية والحضارية التي حققتها الأمة قبل أن تضعف وتنهار ، فننظر إلى كل مفردة على حدة ، ونقيِّمها بميزان الإسلام من وجهة نظر أهل البيت عليهم السلام . مثلاً الدخول التاريخي للنعمان بن مقرن رحمه الله على كسرى يزدجرد ، وكان اختاره علي عليه السلام وأشار على عمر أن يرسله اليه ، فدخل على كسرى باعتزاز ودعاه إلى الإسلام أو الجزية ! فهذا أمرٌ يعتز به المسلم ، فإن من أمجاد الإسلام أنه جعل واحداً من شيوخ