يا فاطمة تعجلي فتجرعي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غداً ! فأنزل الله : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى . ( سورة الضحى : 5 ) . وفي نهاية الإرب للنويري : 3 جزء 5 / 264 : ( فلما نظر إليها بكى وقال : يا فاطمة تجرعي مرارة الدنيا لنعيم الأبد . . الخ . وكذا في إحياء الغزالي : 4 / 233 . فرآها وعليها كساء من وبر الإبل . . رأى حالتها ، رأى ابنته التي أمضت ليلها في محراب عبادتها ولم تكد تنم ، وفي الصباح بدأت بعملها ، وهذا لباسها ، فانكسر لها قلبه ودمعت عيناه ! وانكسار قلب النبي صلى الله عليه وآله ليس أمراً عادياً ، وعندما يجري دمع النبي صلى الله عليه وآله فإن دمع باطن الوجود يجري ! فبكى رسول الله وقال لها : إصبري على مرارة الدنيا . ولا نعرف مما نقله السيوطي وغيره ماذا كانت القضية وماذا جرى ؟ لكن نفهم أنها كانت ملحمة في الصبر والعبودية ، وأن النبي صلى الله عليه وآله انكسر قلبه لحال فاطمة وبكى ، وأن الله تعالى أنزل عليه جبرئيل شاكراً واعداً ، بقوله تعالى : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) ! ! إن ما يجب أن نقوله ونصرخ به ، ونحن نواجه ظلماً لم تنصفه الدنيا ! أن بشراً ملائكياً من نوع فاطمة عليها السلام هذه معيشتها ، يستحيل أن تقف في وجه أبي بكر من أجل لقمة خبز ، أو مزرعة نخل وزروع ! ألم يحن للدنيا أن تفكر وتعرف أن أبا بكر بن أبي قحافة كان أمياً في مسائل الدين ، وأن المحدثين والنقاد اتفقوا على أنه كان جاهلاً بإرث الجدة هل ترث أم لا ؟ فقال لا أدري ! إلى هذه الحد كان علمه بأحكام الشرع ، وقد حاول الذهبي أن يجد له عذراً بأنه لم يكن يحفظ ، وأنه أراد الدقة ، وأنه لذلك منع الناس من جمع