المسألة الثالثة تعويم الإجتهاد ، وتعويم المرجعية كان الإجتهاد عند السنيين محصوراً بالمذاهب الأربعة ، وإذا فتح بابه فإنما يفتح لكبير علماء الأزهر ، ويتقيد الشعب المصري برأيه وأكثر العالم السني . أما بعد ضرب مكانة الأزهر ، فقد تعوَّم مركز الفتوى ، ودخل فيه من هبَّ ودب ، ممن يرغب أن يكون مفتياً له أتباع ! أرادت السلطة المصرية والغربيون ، أن يستبدلوا مركزية الأزهر الدينية الخطيرة برمز ديني تعينه السلطة ! ولم يحسبوا حساب المخزون الديني في الأمة ، وأن جذور الأزهر ستنبت في كل بلد أزهر جديداً ، ومفتين جدداً ! لقد ضربوا مركز الفتوى الطبيعي ومكانة العلماء الطبيعية عند المسلمين ، لكنهم زرعوا بذور عشرات المراكز ، فأنبتت مئات القيادات الدينية ، وأكثرهم جهلاء ، يفتون في كل أمور الدين ، بلا تخصص في علومه ، ولا قواعد في فهم نصوصه ، ولا ضوابط للاجتهاد ! إن ما حدث في مصر تعويمٌ فوضويٌّ لمرجعية الدين أغرق الموازين وطفح بسببه جيل من ( المجتهدين ) كل بضاعة الواحد ظنونه واستحساناته ، وقدرته على إقناع بعض الناس بأن يقلدوه ويعملوا بفتاواه ، وربما بأوامره العسكرية ! لقد ملأ التعويم المصري للاجتهاد أسواق الأمة وأذهانها بظنون المفتين الجدد وتخيلاتهم ، وصار معنى طلب العلم طلب الظن ، وطلب الاحتمال !