( وثانيا ) : إن السنة ، لم تكن في عصره ولا في القريب العاجل من بعد وفاته ، مسجلة ولا محفوظة في محل معين ، حسب ما هو المعروف عند العامة ، حتى تكون أمرا حاضرا كالكتاب الكريم ، للخلافة عن الرسول ، والقيام مقامه ، مباشرة بعد وفاته ، بل كانت مفرقة في صدور رجال الرسول وصحابته المنتشرين هنا وهناك ، مع المنع الأكيد من نشرها وتداولها وتسجيلها وتدوينها حتى آخر القرن الأول [1] . فكيف ترشح السنة ، وهذا حالها ، للخلافة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من بعده ، لتكون قرينا للقرآن ، وعديلا له ؟ وثانيا : إن لفظ " وسنتي " ليس له أصل مثبت ، وإنما الثابت هو " كتاب الله ونسبتي " وهو الموافق لحديث الثقلين : الكتاب والعترة ، معنى ، وقد تصحف على بعض الرواة والمؤلفين ، فتناقلوه " وسنتي " عمدا أو غفلة ، كما سيأتي . وقد أوضحنا هذا الأمر بمزيد من الأدلة والبيان في محل آخر [2] . وثالثا : إن المنقول بلفظ " وسنتي " مخدوش الأسانيد وليس فيها ما يرتقي إلى الصحة ، فلا يعارض به حديث الثقلين المتفق على صحته ، كما عرفت ، وقد شرحنا هذا في ذلك المحل ، أيضا . ورابعا : إن الالتزام بلفظ " وسنتي " لا ينافي حديث الثقلين الدال - كما عرفت - على حجية العترة ، لأن أحاديث السنة الصحيحة المتواترة منها ، والمتضافرة ، والمشهورة ، تدل بوضوح على ولاية العترة ، وحجيتها ، بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فالتمسك بالعترة هو أخذ بمؤدى السنة ، والإعراض عن العترة هو ترك للسنة ، التي منها حديث الثقلين المتفق على صحته ، أفهل الالتزام بلفظ " وسنتي " - على فرض
[1] راجع للبحث عن أساليب منع الخلفاء عن تدوين السنة ونشرها وروايتها ، منذ وفاة الرسول وحتى نهاية القرن الأول في كتاب " تدوين السنة الشريفة " المطبوع في قم - عام 1431 ه . [2] لا لاحظ تدوين السنة الشريفة ( هامش ص 122 - 121 ) .