نام کتاب : التوحيد والشرك في القرآن نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 213
ومن جملة هذه الروايات قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر بالآخرة " . رواه الخمسة إلا البخاري واللفظ للترمذي . ولا تنحصر الروايات الواردة في هذا المجال بهذا بل هناك روايات متضافرة جمعها العلامة السمهودي في كتابه " وفاء الوفا " [1] . غير أننا نريد هنا أن نستدل لجواز هذا العمل بنفس الكتاب العزيز فنقول : إن الله سبحانه نهى نبيه عن الوقوف على قبور المشركين والصلاة عليهم إذ قال : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) ( التوبة - 84 ) . فالآية الكريمة تنهى عن الوقوف على قبر المنافق والمشرك والصلاة عليه كما تدل عن طريق المفهوم ، على أن القيام عند قبور المؤمنين والدعاء لهم ، والصلاة عليهم كان من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس المراد بالقيام هو خصوص القيام عند الدفن حتى لا يشمل القيام للزيارة لعدم الدليل على التقييد واللفظ مطلق . ولأن المعنى بحكم واو العطف : لا تقم على قبره أبدا يعني في جميع الأزمان فيشمل ما بعد الدفن أيضا ، كما إذا قيل : ما جاءني زيد قط ولا عمرو ، أو قيل : لا تطعم زيدا أبدا ولا تسقه وهذا واضح . ولعله لما ذكرنا فسره في " الجلالين " بقوله " لدفن " أو " لزيارة " . ليس المراد من الصلاة خصوص صلاة الميت ، إذ لو أريد ذلك لم يكن وجه لقوله " أبدا " ضرورة أن الصلاة على الميت تجب مرة واحدة ، ولا تتكرر حتى يقول