نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 32
والعجب إنك ترى تلك الإساءة ممن يدعي العلم والفهم وتلاوة القرآن الكريم ، وكأنه لم يمر - في تلاوته - أبدا على ما سنتلوه عليك من آيات بينات وما قاله المفسرون بشأنها . إن الآيات القرآنية الدالة على اليسر ونفي الحرج وعدم إلقاء النفس إلى التهلكة ، أو المشيرة إلى أن المكره أو المضطر إلى المحرم لا جرم عليه ، غير خافية على أحد ، ولا ينكرها إلا الجاهل المتعسف أو المعاند الصلف ، وكلامنا ليس مع هذا الصنف ، بل مع من يعي أن نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بعث بالحنيفية السمحة ثم يشتبه عليه أمر التقية . ونحن إذ نتعرض هنا للأدلة القرآنية الدالة على مشروعية التقية ، نود التذكير بأن الدليل الواحد المعتبر الدال على صحة قضية يكفي لإثباتها ، فكيف لو توفرت مع إثباتها أدلة قرآنية كثيرة ، لم يختلف في تفسيرها ، لأنها محكمة ينبئ ظاهرها عن حقيقتها ولا مجال لمتأول فيها ؟ ومع هذا سوف لا نكتفي بدليل قرآني واحد ، بل سنذكر أربع آيات مباركة ، من بين الآيات القرآنية الكثيرة الدالة على مشروعية التقية . والسبب في هذا الحصر والانتقاء ، إنا وجدنا القرآن الكريم قد تعرض إلى بيان تقية المؤمنين في الأمم السالفة بآيتين صريحتين ، كما وجدناه قد أمضى تلك التقية بتشريعاته الخالدة في أكثر من آية ، انتقينا منها آيتين فقط ، لما فيهما من وضوح تام حول امتداد ظل ذلك التشريع العظيم إلى وقت مبكر من عمر الرسالة الخاتمة . ومن هنا قسمنا الأدلة المذكورة على قسمين : أحدهما ، ما اتصل بالتقية قبل الإسلام ، والآخر : ما اتصل بها عند انطلاق دعوة الحق من
32
نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 32