منهم ) [ سورة الجمعة : 2 ] والمكابرة في هذا أيضا مما لا يأتي به عاقل . الثالث : إنه علم وجوب العمل بشريعة من قبله بالوحي وأخذ الشريعة من أربابها . وهذا مع تضمنه للمطلوب كما عرفت - إذ لا يلزم منه إلا أن يكون نبيا أوحي إليه أن يعمل بشريعة موافقة لشريعة من تقدمه - باطل بما عرفت من العلم بعدم رجوعه صلى الله عليه وآله إلى أرباب الشرائع قط في شئ من أمور . أما عكس ذلك فهو غير متصور ، إذ لا يجوز عاقل أن يوحي الله إلى عبده بكيفية شريعة لأن يعمل بها ولا يأمره بالعمل بها حتى يلزمه الرجوع في ذلك إلى غيره ، مع أنه يلزم أن يكون تابعا لغيره مفضولا ، وقد عرفت بطلانه . ثم إن قول من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وآله كان عاملا بالشرائع المنسوخة كشريعة نوح وموسى عليهما السلام فهو أشد فسادا ، لأنه بعد نسخ شرائعهم كيف جاز له ( ص ) العمل بها إلا بأن يعلم بالوحي أنه يلزمه العمل بها ومع ذلك لا يكون عاملا بتلك الشريعة بل بشريعة نفسه موافقا لشرائعهم كما عرفت . وأما استدلالهم بقوله تعالى ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان : [ سورة الشورى : 52 ] فلا يدل إلا على أنه صلى الله عليه وآله كان في حال لم يكن يعلم القرآن وبعض شرائع الإيمان ، ولعل ذلك كان في حال ولادته قبل تأييده بروح القدس كما دلت عليه رواية أبي حمزة [1] وغيرها ، وهذا لا
[1] يشير إلى الرواية المذكورة في ص 265 برقم 26 ، ونظيرها الرواية المذكورة في ص 266 برقم 22 .