نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 47
يدعمه بل يكذبه ، وإليك البيان : فإن كان الملاك ، العقائد الصحيحة والباطلة وأن المسلمين كانوا متمسكين جملة واحدة ، بمعتقد واحد صحيح في القرون الثلاثة الأولى ثم ظهرت رؤوس الشياطين ودبت فيهم المناهج الكلامية الفاسدة - فإن كان الملاك هذا - فتاريخ الملل والنحل لا يصدق ذلك بل ويكذبه ، فإن الخوارج ظهروا بين الثلاثين والأربعين من القرن الأول وكانت لهم ادعاءات وشبهات وعقائد سخيفة خضبوا في طريقها وجه الأرض ، ولم يتم القرن الأول إلا ظهرت المرجئة الذين دعوا المجتمع الإسلامي إلى الانحلال الأخلاقي رافعين عقيرتهم بأنه لا تضر مع الإيمان معصية ، فقد ضلوا وأضلوا كثيرا حتى دب الإرجاء بين المحدثين وغيرهم في القرن الثاني وقد ذكر أسماءهم جلال الدين السيوطي في تدريب الراوي [1] . كان الإرجاء يقود المجتمع الإسلامي إلى الانحلال الأخلاقي والفوضى في جانب العمل إلى أن ظهرت المعتزلة في أوائل القرن الثاني عام 105 ه قبل وفاة الحسن البصري بقليل ، فتوسع الشقاق بين المسلمين وقسمهم إلى فرق كثيرة ، وكان النزاع قائما على قدم وساق منذ أن ظهر الاعتزال عن طريق واصل بن عطاء إلى أواسط القرن الخامس الذي قضي فيه على الاعتزال . إن القرن الثاني كان عصر ازدهار المذاهب الكلامية وكانت الأمصار ميدانا لتضارب الأفكار . فمن متزمت يقتصر في وصفه سبحانه بالألفاظ الواردة في الكتاب والسنة ويفسرها بمعانيها الحرفية ، من دون إمعان وتدبر ، ويرفع صوته بأن لله يدا ووجها ورجلا وأنه مستقر على عرشه . إلى مرجئي يكتفي بالإيمان بالقول ، ويقدمه ويؤخر العمل يسوق المجتمع