نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 44
معصية وبدعة ، مع الفرق الواضح بينهما فلو أذيعت الفكرة أو العمل بين الناس فتصير بدعة ، وإن اكتفى بها من دون دعوة وإشاعة فهي معصية . ومن العجب أن أناسا صاروا بتحديد البدعة وتمييزها عن السنة ، وقد جاءوا في تحديدها ببدعة وفرية جديدة لا دليل لها في الكتاب والسنة ، وهي أن المقياس في تمييز البدعة عن السنة هو القرون الثلاثة الأولى بعد رحيل الرسول . فما حدث فيها فهو سنة وما حدث بعدها فهو بدعة ، وإن تعجب فإليك نص القائل : ومما نحن عليه ، أن البدعة - وهي ما حدثت بعد القرون الثلاثة - مذمومة مطلقة خلافا لمن قال : حسنة وقبيحة ، ولمن قسمها خمسة أقسام إلا إن أمكن الجمع بأن يقال : الحسنة ما عليها السلف الصالح شاملة للواجبة والمندوبة والمباحة وتكون تسميتها بدعة مجازا ، والقبيحة ما عدا ذلك شاملة للمحرمة والمكروهة فلا بأس بهذا الجمع [1] . وهذه النظرية الشاذة عن الكتاب والسنة ، نظرية خاصة استنتجها القائل مما رواه الشيخان في باب فضائل أصحاب النبي وإليك نصهما . روى البخاري قال : سمعت عمران بن الحصين يقول : قال رسول الله : خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ، ثم إن بعدكم قوما ، يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن . وروى أيضا عن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي قال : خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم يجيئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ، ويمنيه شهادته ، قال : قال إبراهيم : وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار [2] .
[1] الهدية السنية ، الرسالة الثانية : 51 . [2] ابن حجر العسقلاني : فتح الباري في شرح صحيح البخاري : 7 / 6 باب فضائل أصحاب النبي ، النووي : شرح صحيح مسلم : 8 / 84 - 85 .
44
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 44