نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 355
الثانية : عكس الصورة الأولى ، بأن يسير موسى بقومه إلى الميقات ثم يسألونه رؤية الله جهرة فيحدث ما حدث ، ثم هو في يوم آخر أو بعد تلك الواقعة يسأل الرؤية لنفسه فيخاطب بقوله : * ( لن تراني ولكن انظر إلى الجبل ) * . إن العقل يحكم بامتناع كلتا الصورتين عادة حسب الموازين العادية . أما الأولى : فلو كان موسى متقدما في السؤال وسمع من الله ما خاطبه به من قوله : * ( لن تراني ) * لكان عليه أن يذكر قومه بعواقب السؤال وأنه سألها ربه ففوجئ بالغشيان ، مع أنا نرى أنه لم يذكرهم بشئ مما جرى عليه غب طلبهم . ولو ذكرهم لما سكت عنه الوحي . أما الثانية : فهو أيضا مثله لأنه إذا تقدم سؤال قومه الرؤية وشاهد موسى ما شاهد وسمى عملهم فعل السفهاء فلا يصح في منطق العقل أن يطلب الكليم ذلك لنفسه مستقلا . كل ذلك يعرب عن أنه لم يكن هناك ميقاتان ولا لقاءان ولا سؤالان مستقلان وإنما كان هناك ميقات واحد ولقاء واحد وسؤالان بينهما ترتب و صلة ، والدافع إلى السؤال الثاني هو نفس الدافع إلى السؤال الأول ، وعندئذ لا يدل سؤال موسى الرؤية على كونها أمرا ممكنا لاندفاعه إلى السؤال من قبل قومه . توضيح ذلك : أن الكليم لما أخبر قومه بأن الله كلمه وقربه وناجاه ، قال قومه : لن نؤمن بك حتى نسمع كلامه كما سمعت فاختار منهم سبعين رجلا لميقاته ، وسأله سبحانه أن يكلمه فلما كلم الله وسمع القوم كلامه قالوا : * ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) * فعند ذلك أخذتهم الصاعقة بظلمهم ، وإلى هذه الواقعة تشير الآيات التالية : 1 - * ( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ) * ( البقرة - 51 ) .
355
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 355