نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 339
يناله غوض الفطن " [1] . فهل يحتمل الرازي في هذه الآيات والجمل سلب العموم وأنه سبحانه لا يحب جميع المعتدين والكافرين والظالمين ولكن يحب بعض المعتدين والكافرين والظالمين ، أو أن بعض القائلين يبلغون مدحته ، ويحصون نعماءه . وهذا دليل على اتخاذ الرازي للموقف المسبق ، ثم دراسة القرآن لأجل دعمه ، وهو آفة لفهم الصحيح من الكتاب . الشبهة الثالثة : الإدراك هو الإحاطة : إن هذه الشبهة ذكرها ابن حزم في فصله ، والرازي في مفاتيح الغيب ، وابن قيم في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح [2] ، وقد أسهبوا الكلام في تطوير الشبهة ولا يسع المقام لنقل عباراتهم كلها وإنما نشير إلى المهم من كلماتهم . وبما أن الأساس - لكلام هؤلاء - هو ابن حزم الظاهري نذكر نص كلامه أولا ، قال : إن الإدراك في اللغة يفيد معنى زائد على النظر ، وهو بمعنى الإحاطة وليس هذا المعنى في النظر والرؤية ، فالإدراك ( الإحاطة ) فيض عن الله تعالى على كل حال في الدنيا والآخرة والدليل على ذلك قوله سبحانه : * ( فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين ) * ففرق الله عز وجل بين الإدراك والرؤية فرقا جليا لأنه تعالى أثبت الرؤية بقوله : * ( فلما تراءا الجمعان ) * وأخبر تعالى بأنه رأى بعضهم بعضا فصحت منهم الرؤية لبني إسرائيل ، ولكن نفى الله الإدراك ، بقول موسى ( عليه السلام ) لهم : * ( كلا إن معي ربي سيهدين ) * فأخبر تعالى أنه رأى أصحاب فرعون بني إسرائيل ولم يدركهم ، ولا
[1] نهج البلاغة ، الخطبة الأولى . [2] وقبلهم الطبري كما سيوافيك نصه في خاتمة المطاف .
339
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 339