نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 298
1 - سهولة العقيدة ويسرها : العقيدة الإسلامية لها سمات أوضحها أنها عقيدة سهلة يسرة فهمها وتعلمها ، وذلك لأنها عقيدة شمولية لا تختص بالفلاسفة والمتكلمين والمفكرين ، ولا يعني ذلك سذاجتها وابتذالها وعدم خضوعها للبراهين العقلية ، بل يعني أنها في متانتها ورصانتها وخضوعها للبراهين والأدلة ، بعيدة عن الألغاز والإبهامات ، فلو فسرت وبينت لفهمها عامة الناس حسب مستوياتهم ، فهي بسمتها هذه في جبهة مخالفة لما تتبناه نصرانية اليوم والأمس ، فقد حاقتها إبهامات في العقيدة وألغاز في الدين ، بحيث لم يتيسر لأحد لحد الآن حل مشاكلها وتبيينها للمفكرين فضلا عن عامة الناس ، فنأتي بنموذج : إن المسلم إذا سئل عن معتقده في التوحيد وصفاته وسماته يقول : " هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " وقد جاء في الأثر أن جماعة من أهل الكتاب سألوا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقالوا : إنسب ، لنا ربك فنزلت سورة التوحيد [1] . فالعقيدة الإسلامية في هذا المجال واضحة المفاهيم ، جلية المعالم لا يكسوها إبهام ولا يسترها لغز فيخرج المسلم في مقام الوصف وتبيين العقيدة ، مرفوع الرأس والهامة ، إذ مع عقيدته براهينها الواضحة ، يقف عليها من درس عقيدته . وأما لو سئل النصراني في ذلك المجال ، فإنه يتلعثم في بيانها ، فتارة يقول : إنه واحد وفي الوقت نفسه ثلاثة ، ثم يضيف : إنه لا منافاة بين كون الشئ واحدا وكثيرا ، ومن المعلوم أن هذه العقيدة يعلوها الإبهام ويكسوها الإجمال ، لا تقبله الطباع السليمة إذ كيف نذعن بأنه سبحانه واحد لا نظير له ولا مثيل ولا ند ، ولكنه مع ذلك له أنداد ثلاثة وأمثال متعددة ، فهذه العقيدة يناقض أولها آخرها ويرد آخرها أولها ، فهو سبحانه إما واحد لا نظير له وإما كثير له أمثال .