نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 104
كان الخليفة : يريد أن يقرأ قوله تعالى : * ( والذين يكنزون ) * بدون واو العطف لتكون هذه الجملة وصفا للأحبار واليهود . وهذا مضافا إلى كونه خلاف التنزيل وتغييرا في ما نزل به الوحي كما تلاه الرسول وقرأه على مسامع القوم ، فإن حذف الواو كان يعني أن آية حرمة الكنز لا ترتبط بالمسلمين بل هي صفة للأحبار والرهبان وكان يقصد من هذه إضفاء طابع الشرعية على اكتناز الأموال الطائلة . وهذا يكشف عن مدى حفظ الأمة لنص الكتاب بهذه الصورة الدقيقة الأمينة ، بيد أن حفظ الأمة كان محدودا لا يتجاوز هذا الحد ، إذ كان غير شامل لجوانب أخرى من الشريعة وأصولها ومصادرها وينابيعها . الثالثة : محاولة كتابة الصحيفة : هذا هو الخط الدفاعي الثالث الذي حاول الرسول وضعه لمكافحة دبيب البدعة ، وهنا نقتبس ما ذكره الإمام الشاطبي حرفيا ، يقول : لقد كان عليه الصلاة والسلام حريصا على ألفتنا وهدايتنا ، حتى ثبت من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال : لما حضر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : " هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " فقال عمر : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غلبه الوجع ، وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله ، واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول : قربوا يكتب لكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كتابا لن تضلوا بعده ، وفيهم من يقول كما قال عمر ، فلما كثر اللغط والاختلاف عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " قوموا عني " فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب اختلافهم ولغطهم [1] .