نام کتاب : الإيمان والكفر في الكتاب والسنة نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 149
تمت في منامها " ولو كان التوفي بمعنى " الإماتة " لما استقام معنى الآية ، إذ يكون معناها - حينئذ - الله يميت الأنفس حين موتها ، ويميت التي لم تمت في منامها . وهل هذا إلا التناقض ؟ ولأجل ذلك ، لا مناص من تفسير " التوفي " ، " بالأخذ " وهو ينطبق على الإماتة ( الموت ) في الفقرة الأولى وعلى الإنامة ( النوم ) في الفقرة الثانية من الآية . ومثله قوله تعالى في سورة الأنعام : * ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون ) * . فإن توفي الناس بالليل لا يكون بالإماتة ، بل بمعنى أخذهم بالنوم ، ثم يبعثهم الله باليقظة في النهار ، ليقضوا بذلك آجالهم المسماة ، ثم إلى الله مرجعهم ، بواسطة الموت والمعاد . وكذلك قوله سبحانه في سورة النساء : * ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) * ( 1 ) . ولا معنى لتفسير " التوفي " بأنه " يميتهن الموت " فلا بد من القول بأن التوفي ليس مرادفا للموت والإماتة في محاورات القرآن واستعمالاته ، وإنما هو : أخذ الشئ وافيا كاملا برمته . وعلى ضوء ذلك ليس للتوفي إلا معنى واحدا ، وهو الأخذ للشئ تماما ووافيا إما من عالم الحياة ، أو من عالم اليقظة ، أو من عالم التواجد بين البشر . فإذا كان لفظ " التوفي " موضوعا لمعنى جامع ، وكان صالحا للانطباق على الإماتة ، والإنامة ، والأخذ من بين الناس ، فليس حمله على المورد الأول وتطبيقه
1 . سورة النساء : الآية 15 .
149
نام کتاب : الإيمان والكفر في الكتاب والسنة نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 149