نام کتاب : الانتصار نویسنده : العاملي جلد : 1 صفحه : 318
لا يوجد إنسان يحترم قيمه ومثله العليا إلا وهو رجل سليم في طريقة النقاش ، بعيدا عن خوض الجدال مع أحد . ذلك أن من يحترم نفسه لا يضيع وقته في الجدال التافه ، وإذا رأى الطرف الآخر يريد أن يجادل ولا يستهدف الوصول إلى الحق ، يترك الكلام معه ، ولماذا الجدال أساسا ؟ فأما أن يخسر الطرف الآخر إن كان صاحب الرأي الأصوب ، وأما أن يضيع وقته مع الطرف الآخر إذا كان مصرا على عدم التزحزح عن رأيه . من الأفضل في النقاش أن نسلم بالأمور التافهة لمحدثنا ، ونتمسك بالحجج القوية الدامغة ، وهذا فن عظيم ينبغي أن نتعلمه . ولا ننسى هنا أن في ذهن كل إنسان معادلة يتحرك من خلالها ، فنحاول عند دخولنا في نقاش مع أحد ، أن نؤكد على الجانب الآخر من المعادلة ، فليس من الصحيح دائما أن علينا لكي نقنعه بشئ ، أن ننسف الجانب الذي يؤمن به هو ، بل يكفي ترجيح جانب من المعادلة في ذهنه حتى يتحرك بالشكل الذي نريده نحن ، فكل إنسان يتحرك بناء على وجود ميزان في ذهنه ، إذ يؤمن بشئ في مقابل شئ آخر ، فلأن هذه الكفة قد نزلت عنده ، حاول أن ترمي ثقلك في الحوار في الكفة الخفيفة ، دون التعرض لإثقال الكفة الأخرى عنده . وفي الحقيقة إن الذي يمارس الجدال يهين نفسه ، بتعريضها لإهانة والآخرين . يقول الإمام علي عليه السلام : ( إياك والمراء ، فإنك تغري نفسك بالسفهاء ) . ويقول عليه السلام في حديث آخر : ( لا تماري ( كذا ) فيذهب بهاؤك ) . فهل يمكن لأحد أن يدخل في جدال إلا ويهين نفسه ؟ ! وكما قلنا آنفا فإن من خطورة الجدال أنه يقطع الصداقات ويمزق الإخاء . وقد يحدث ذلك من دون أن يفصح الطرف الآخر بذلك والسبب هو الجدال ! يقول الإمام الهادي عليه السلام : ( المراء يفسد الصداقات القديمة ، ويحلل العقدة الوثيقة ) .
318
نام کتاب : الانتصار نویسنده : العاملي جلد : 1 صفحه : 318