مصاديق الإصلاح ، ومراقبة قول موسى ( ع ) والالتزام به بدقة . وعليه ، فإن رفع مستوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى حد الشدة والضرب وغيره مما قد يؤدي إلى التفرقة يحتاج إلى أمر من موسى ( ع ) نفسه لأنه إمام هارون وصاحب الرسالة ، ولما كان هارون ( ع ) بمقتضى خلافته لموسى ( ع ) ، يعلم أولويات موسى ( ع ) وأن من هذه الأولويات عدم التفرقة ، لم يلجأ إلى ما من شأنه أن يؤدي إليها ، وعندما استفسر منه ( ع ) موسى ( ع ) الأمر أخبره بخشيته ، فقبل منه ذلك . وإن دلّ ذلك على شيء ، فإنه يدل على تقيد هارون ( ع ) بتعاليم وأوامر موسى ( ع ) بحذافيرها . . ولو أن موسى ( ع ) ، كما يدعي البعض ، كان يرى ضرورة معاملتهم بالشدة ؛ فلماذا عدل هو عن ذلك ولم يلجأ إليه ، وإن كان يلوم هارون ( ع ) على عدم استعمال الشدّة فلماذا لم يتدارك ذلك بنفسه وقد كان ذلك بإمكانه إذ لم يكن قد فات الأوان بعد ، وقد اكتفى بالاستغفار لنفسه ولأخيه عما صدر من قومه ، وبنفي السامري ، وحرق العجل ، ونسفه في اليم نسفا . بعد ما مر نسأل " الكاتب " : ما الفرق بين ما ذكره الشيخ الطوسي ( قده ) وبين ما ذكره العلامة المحقق أيده الله الذي يقول : أن موسى ( ع ) وجه إلى هارون ( ع ) " سؤالا عن ذلك ليسمع الناس جوابه الذي يتضمن برهانا إقناعيا يدل على دقّته ، وحسن تقديره للأمور ، وقد قبل موسى ( ع ) منه ذلك بمجرّد تفوّهه به ، ودعا لنفسه وله " [1] . الحق يقال : أن لا فرقا جوهريا بين القولين وإن كان هناك اختلافا ، فإنما هو في أسلوب عرض المسألة . وما يؤيد هذا التفسير هو قول الطبرسي ( قده ) الذي نقله " الكاتب " حيث قال في معرض تفسيره لقول هارون ( ع ) : إني خشيت . . : " لو قابلت بعضهم ببعض لتفرقوا وتفانوا فأردت أن تكون أنت الملاقي لأمرهم بنفسك ، وخشيت