لأنه وكما ذكرنا ، فإن كل مفردة من مفردات الآية تدلل بما لا شك فيه على أن موسى ( ع ) كان يعلم أن في الأمر سرا ، وأن مبادرته للإعتراض إنما هي للمخالفة الظاهرية لهذا الفعل ، لا لأنه لا يعلم بأن لها تأويلا ! ب - قد يقال في الإجابة الثانية عن هذا السؤال : إن القضية تريد أن تحكم من الناحية العملية على الأحداث بعيدا عن حجية ظواهرها . وعليه : صحيح أن موسى ( ع ) كان يعلم بوجود سرّ وراء فعل العبد الصالح ، ولكن الآيات تريد ان تشير إلى أنه لا ينبغي الاعتراض ، حتى مع عدم العلم ، فكيف مع وجود العلم بأن وراء هذه الأفعال تأويلا ؛ لتنطلق القضية بأن على موسى ( ع ) العمل وفق هذا الأمر أيضا ، وبالتالي الحكم بحسب الواقع لا الظاهر ؟ . وهذه الإجابة ، وإن تخلصت من الإشكال الذي يرد على الجواب الأول ، لكنها تواجه إشكالات متعددة ومحكمة يصعب على من يتمسك بها الإجابة عنها . . فلاحظ ما يلي : 1 - إن الادعاء بأن القصة تريد أن تشير إلى ضرورة عدم الاعتراض على ما هو مخالف ظاهرا لأحكام الشريعة حتى لمن لا يملك العلم بأن ثمة مبررا واقعيا وراء هذا الفعل ، فكيف بنبي الله موسى ( ع ) الذي كان يعلم ذلك . أقول : إن هذا الادعاء يتضمن اتهاما صريحا بأن موسى ( ع ) أتى ذنبا ، حتى ولو ادعى أحد أن هذا الذنب مما يستحق عليه العتاب لا العقاب ، لأن الآية خالية تماما حتى عن أي عتاب ، كما أنها لم تشتمل على أي نوع من أنواع الاستغفار أو الاعتراف بالظلم ، مما ذكر في آيات أخرى ، يدعي بعض المفسرين أنها دليل على اتيان بعض الأنبياء ( ع ) بما يخالف الأولى . . 2 - ليخبرنا أصحاب هذه الإجابة : ما الذي خرج به موسى ( ع ) من هذه القصة ؟ .