responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأنبياء فوق الشبهات نویسنده : محمد محمود مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 141


إنه الموقف الصلب الذي لا يهادن ولا يجامل . . ولا يغلف الأشياء بغلاف سحري ، بل يدفع الموقف إلى الأمام ، بكل وضوح وصراحة . . بعيدا عن المجاملة واللياقة التي تفرضها علاقة الابن بأبيه . . لأن قضية العقيدة لا تخضع للجانب العاطفي للعلاقات لأن علاقة الإنسان بالحقيقة التي تربطه بالله أقوى من أية علاقة بأي إنسان كان .
وفي الصورة الثانية نشاهد إبراهيم يتطلع إلى السماء ، كما لو كان شاهدها أول مرة ، فهو - فيما توحيه الآية - يواجهها كتجربة جديدة لم يلتق بها من قبل ، وذلك فيما تعنيه التجربة من المعاناة في حركة الحس البصري كمادة للتفكير ، للانتقال من المحسوس إلى المعقول ، ومن المادة إلى المعنى . . فقد كان يشاهدها سابقا ، في رؤية جامدة ، لا تعني له شيئا ، إلا بمقدار ما يعنيه انعكاس الصورة في العين - لمجرد تجميع الصور في الوجدان . . فيما يلتقي به الإنسان من مألوفاته العادية في حياته اليومية . . وهكذا نجد أن الرؤية التي يتحدث عنها القرآن في قوله تعالى : { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض . . } هي الرؤية الواعية الفاحصة المدققة التي تثير في الداخل المزيد من التأمل والحوار والاستنتاج . . بدليل قوله تعالى { وليكون من الموقنين . . } ، مما يوحي بأنها الرؤية التي تبعث على القناعة من خلال اليقين . . وبدأ يفكر في استعراض عقلي للعقائد التي يعتقدها قومه في عبادتهم للكواكب والقمر والشمس . . ومحاكاة ذاتية تتحرك من أجل إثارة التساؤل . . وهكذا التقى بالكواكب المتناثرة في السماء ، في صورة بديعة في روعة التنسيق والتكوين . . فما أن لمح كوكبا يتلألأ ويشع في قلب هذا الظلام المترامي . . حتى سيطرت عليه أجواء الروعة ، واستولى على فكره الخشوع الروحي أمام هذا الشعاع الهادئ في الأفق البعيد . . فخيل إليه أن هذا هو الإله العظيم الذي يتعبد الناس إليه . . لأن الفكرة الساذجة تجعله في الأفق الأعلى البعيد ، الذي تتطلع إليه الأبصار برهبة وخشوع ولا تستطيع الخلائق أن تصل إليه أو تدرك كنهه . . { فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي . . } في صرخة الإنسان الطيب الساذج الذي خيل إليه أنه اكتشف السر الكبير الذي يبحث عنه كل الناس ، كما لو لم يكتشفه أحد غيره . . وكأنه أقبل إليه في خشوع العابد ، وفي لهفة المسحور . . وفي اندفاعة الإيمان . .

141

نام کتاب : الأنبياء فوق الشبهات نویسنده : محمد محمود مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست