نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 25
والنظريات التي تعتمد ( الحتمية ) أساسا في فهم سلوك الانسان وتاريخه وتفكيره وتطوره ، عريقة وقديمة في تاريخ الثقافة الانسانية . وتتداخل عوامل كثيرة : دينية وفلسفية وسياسية ، في صياغة هذه النظريات ، ومن الصعب جدا فهم النظريات الحتمية في إطار العلم والفكر فقط دون أن نأخذ بنظر الاعتبار العوامل السياسية والدينية التي ساهمت في بلورة الصيغة الفلسفية لهذه النظريات . الحتميات الإلهية في سلوك الانسان : النظريات الحتمية عند الإلهيين تتعلق غالبا بالسلوك الفردي للانسان وتتجه إلى نفي إرادة الانسان في سلوكه وفعله ، ونفي أي دور أو سلطان للانسان على أفعاله . وهذه النظرية هي المعروفة ب ( الجبر ) . وأشهر المذاهب الإسلامية التي تؤمن بالجبر هو مذهب الأشاعرة ، أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري ( المتوفى سنة 330 ه ) وهذا المذهب لا ينفي إرادة الانسان وقدرته رأسا ، ولكنه يرى أن فعل الانسان ليس ناشئا من إرادة الانسان وقدرته ، وإنما هو مخلوق لله تعالى . وليس للانسان دور في إيجاد العمل وإبداعه ، وإنما يقتصر دوره على كسب العمل فقط لا إيجاده . وبذلك يحاول الشيخ الأشعري أن يجمع في هذه النظرية بين أصلين أساسيين هما : ( التوحيد ) و ( العدل ) . فهو يرى : أولا : أن كل عمل للانسان مخلوق لله تعالى ، وليس للانسان أي دور في إيجاد العمل وإبداعه وإحداثه ، فإن الله تعالى يقول : * ( والله
25
نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 25