نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 91
بالعظيم ، وإن كان المثل أعظم من كل عظيم ، كما مثل في الإنجيل على الصدور بالنخالة ، والقلوب القاسية ، بالحصاة ، ومخاطبة السفهاء ، بإثارة الزنابير ، وجاء في كلام العرب : أسمع من قراد ، وأطيش من فراشة ، وأعز من مخ البعوض . ( 1 ) وربما يتصور أن التمثيل بالأشياء الحقيرة الخسيسة لا يليق بكلام الفصحاء ، وعلى هذا فالقرآن المشتمل على النمل والذباب والعنكبوت والنحل لا يكون فصيحا فضلا عن كونه معجزا . وأجاب عنه صدر المتألهين الشيرازي ( المتوفى عام 1050 ه ) بقوله : إن الحقارة لا تنافي التمثيل بها ، إذا شرط في المثال أن يكون على وفق الممثل له من الجهة التي يستدعي التمثيل به كالعظم والحقارة ، والشرف والخساسة ، لا على وفق من يوقع التمثيل ويضرب المثال ، لأن الغرض الأصلي منه إيضاح المعنى المعقول ، وإزالة الخفاء عند إبرازه في صورة المشاهد المحسوس ، ليساعد فيه الوهم العقل ولا يزاحمه ، فإن العقل الإنساني ما دام تعلقه بهذه القوى الحسية لا يمكنه إدراك روح المعنى مجردا عن مزاحمة الوهم ومحاكاته ، لأن من طبعه كالشياطين الدعابة في التخييل وعدم الثبات على صورة . ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية ، وفشت في عبارات الفصحاء من العرب وغيرهم ، وكثرت في إشارات الحكماء ومرموزاتهم ، وصحف الأوائل ومسفوراتهم ، تتميما للتخيل بالحس ، فهناك يضاعف في التمثيل ، حيث يمثل أولا المعقول بالمتخيل ، ثم يمثل المتخيل بالمرسوم المحسوس المهندس المشكل . ( 2 ) ثم إنه سبحانه يذكر أن الناس أمام الأمثال على قسمين :
1 - تفسير البيضاوي : 1 / 43 . 2 - تفسير القرآن الكريم : 2 / 192 - 193 .
91
نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 91