فهذا ما جاء في نفس تلك الأخبار المخرجة في الصحاح وغيرها المستدل بها على أمره أبا بكر بالصلاة بالناس ، وليست أخبارا أخرى ، وخروجه للصلاة بنفسه - بعد أمره أبا بكر بالصلاة - عزل له عن ذلك . فمن قال بأنه " عزله عن الصلاة " فإنما أراد هذا المعنى ، ولم يرد ورود حديث في مصادر أهل السنة مشتمل على لفظ العزل حتى يقال بأن هذا القول كذب " وما نقلوه فيه مختلق " ! هذا ولم يتعرض الماتن إلى دعوى صلاة النبي صلى الله عليه وآله خلف أبي بكر ، ولعله لعدم ورود شئ يفيد ذلك في شئ من الصحاح والسنن ، ومن المعلوم أن مجرد صلاة أحد في مكان النبي لا يدل على استحقاقه للخلافة من بعده ، وإلا لزم استحقاق كل من أمره صلى الله عليه وآله وسلم بذلك من الصحابة ، حتى ابن أم مكتوم الأعمى ، فاستدلاله باطل على فرض ثبوت أصل الخبر . أما الشارح فكأنه التفت - كغيره - إلى سقوط هذا الاستدلال فأضاف دعوى أن النبي صلى الله عليه وآله خرج إلى المسجد وصلى خلف أبي بكر ، وزعم أن ما روى البخاري مما دل على عزله عن المحراب " فهو إنما كان في وقت آخر " . لكن مستند هذه الدعوى بعض الأخبار الضعيفة التي أعرض عنها البخاري ومسلم وكبار أئمة الحديث ، وممن نص على عدم الاعتداد بهذه الأخبار وسقوطها عن الاعتبار الحافظ ابن الجوزي والحافظ ابن عبد البر والحافظ النووي [1] وأما الجمع بين هذه الأخبار وما دل في الصحاح على عزله بتعدد الواقعة فهو : أولا : فرع على صحة هذه الأخبار المزعومة .
[1] لاحظ : فتح الباري 2 / 120 ، عمدة القاري 5 / 191 ، المنهاج في شرح مسلم 3 / 52 .