وبعد : فما هو متن الحديث ؟ وما هو مدلوله ؟ قد عرفت سقوط هذا الحديث معنى على فرض صدوره . . وعلى الفرض المذكور . . فلا بد من الالتزام بأحد أمرين : إما وقوع التحريف في لفظه ، وإما صدوره في قضية خاصة . . أما الأول فيشهد به : أنه قد روي هذا الخبر بالنصب ، أي جاء بلفظ " أبا بكر وعمر " بدلا عن " أبي بكر وعمر " وجعل أبو بكر وعمر مناديين مأمورين بالاقتداء . . [1] . فالنبي صلى الله عليه وآله يأمر المسلمين عامة بقوله " اقتدوا " - مع تخصيص لأبي بكر وعمر بالخطاب - " باللذين من بعده " وهما " الكتاب والعترة " ، وهما ثقلاه اللذان طالما أمر بالاقتداء والتمسك والاعتصام بهما [2] . وأما الثاني . . فهو ما قيل : من أن سبب هذا الخبر : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان سالكا بعض الطرق ، وكان أبو بكر وعمر متأخرين عنه ، جائيين على عقبه ، فقال النبي صلى الله عليه وآله لبعض من سأله عن الطريق الذي سلكه في اتباعه واللحوق به : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " وعني في سلوك الطريق دون غيره [3] . وعلى هذا فليس الحديث على إطلاقه ، بل كانت تحفه قرائن تخصه بمورده ، فأسقط الراوي القرائن عن عمد أو سهو ، فبدا بظاهره أمرا مطلقا بالاقتداء بالرجلين . . وكم لهذه القضية من نظير في الأخبار والأحاديث الفقهية والتفسيرية
[1] تلخيص الشافي 3 / 35 . [2] راجع حديث الثقلين بألفاظه وطرقه ودلالاته في الأجزاء الثلاثة الأولى من " خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار " بقلم علي الحسيني الميلاني . [3] تلخيص الشافي 3 / 38 .