ولكن الحقيقة هي تسرب الأغراض والدوافع الباعثة إلى الاختلاق والتحريف إلى المعايير التي اتخذوها للتمييز والتمحيص . . فلم تخل ( الصحاح ) من الموضوعات والأباطيل ، ولم تخل ( الموضوعات ) من الصحاح والحقائق . . وهذا ما دعا آخرين إلى وضع كتب تكلموا فيها على ما أخرج في الصحاح وأخرى تعقبوا فيها ما أدرج في الموضوعات . وقد تعرضنا لهذا في بعض بحوثنا المنشورة . . وحديث : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " أخرجه غير واحد من أصحاب الصحاح . وقال بصحته غيرهم تبعا لهم . . ومن ثم استندوا إليه في البحوث العلمية . ففي كتب العقائد . . في مبحث الإمامة . . جعلوه من أقوى الحجج على إمامة أبي بكر وعمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . . وفي الفقه . . استدلوا به لترجيح فتوى الشيخين في المسألة إذا خالفهما غيرهما من الأصحاب . . وفي الأصول . . في مبحث الإجماع . يحتجون به لحجية اتفاقهما وعدم جواز مخالفتهما فيما اتفقا عليه . . فهل هو حديث صحيح حقا ؟ لقد تناولنا هذا الحديث بالنقد ، فتتبعنا أسانيده في كتب القوم ، ودققنا النظر فيها على ضوء كلمات أساطينهم ، ثم عثرنا على تصريحات لجماعة من كبار أئمتهم في شأنه ، ثم كانت لنا تأملات في معناه ومتنه . . فإلى أهل الفضل والتحقيق هذه الصفحات اليسيرة المتضمنة تحقيق هذا الحديث في ثلاثة فصول . . والله أسأل أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم . . إنه خير مسؤول .