بكر فاطمة عليها السلام حقها ، كما عليه الحافظ البارع الناقد ابن خراش البغدادي المتوفى سنة 283 [1] . فسقوط تلك الدعاوى والتوجيهات في غاية الوضوح . وعلى كل تقدير فالحديث باطل . وأما دلالة ففي الحديث المزعوم احتمالات كما ذكر العضد [2] ولم يشر إلى ذلك السعد ، والحاصل أنه كما يحتمل أن تكون كلمة " صدقة " مرفوعة على الإخبار به عن " ما " الموصولة في " ما تركناه " كذلك يحتمل أن يكون " ما " منصوبة محلا على المفعولية ل " تركناه " وتكون " صدقة " حالا من " ما " فما المثبت للاحتمال الأول ؟ بل المتعين - إن صح الحديث - هو الثاني لتكذيب علي والزهراء والحسنين وأهل البيت والعباس وأزواج النبي وسائر المسلمين . . هذا الحديث أو عدم سماعهم إياه من رسول الله . . بل إن رد عمر بن عبد العزيز فدكا إلى أولاد فاطمة - وهو عند جماعة من أعلامهم خامس الخلفاء الراشدين - تكذيب صريح ، بل إن أبا بكر كذب نفسه في أواخر حياته ، حيث تمنى أن كان قد سأل النبي [3] عن حق أهل البيت في الخلافة ، فإن هذا - وإن كان تضليلا - دليل على ندمه على تصدي الأمر وما ترتب عليه من أفعال وتروك . وبعد ، فإن السعد لم يجب عن هذه القضية جوابا ، وإنما قال كلاما أساسه حسن الظن بأبي بكر والتعصب على الشيعة . . . ثم إنه صرح بهذا بقوله : ( ولعمري إن قصة فدك على ما يرويه الروافض من بين الشواهد على إنهماكم في الضلالة وافترائهم على الصحابة . . ) إلى آخر ما قال مما لا يليق بنا الجواب عنه . .
[1] لاحظ : تذكرة الحفاظ 2 / 674 ، ميزان الاعتدال 2 / 600 ، لسان الميزان 3 / 444 ، طبقات الحفاظ : 297 وقد ذكرنا تفصيل ذلك في ( الطرائف ) [2] شرح المواقف في علم الكلام 8 / 355 . [3] تاريخ الطبري 4 / 52 وغيره .