أما إذا كان الغرض من علم الكلام هو التغلب على الخصم ولو بالسب والشتم ، فلا شك في أن هذا الأسلوب فاشل ، وأنه سيؤدي إلى تمزق المسلمين وتفرق صفوفهم ، وإلى الهزيمة إمام الأعداء . . . فالقول بأن " أسلوب علم الكلام فشل حتى الآن " وأنه " أحد أسباب هزائمنا " على إطلاقه ليس بصحيح . . . وعلى الجملة ، فإن علم الكلام لم يكن في يوم من الأيام من أسباب ضعف المسلمين وهزيمتهم ، بل كان - متى ما استخدم على حقيقته واتبعت أساليبه الصحيحة ، وطبقت قواعده الرصينة - من أسباب وحدة كلمة المسلمين ورص صفوفهم وصمودهم أمام الخصوم . . ولا ننكر أن بعض المتكلمين اتخذوه وسيلة لتوجيه عقائدهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة ، إلا أن هذا لا يختص بعلم الكلام ، فقد اتخذ غيره من العلوم الإسلامية وسيلة للأهداف والأغراض المخالفة للحق والدين . وهذا لا يسوغ اتهام " العلم " ، بل على الناس أن يفرقوا بين المتكلمين ، فيعرفوا المحق فيتبعوه ، ويعرفوا المغرض فيحذروه . . .