قالوا : بأنه لا يصح التقدم بين يديه لا في الصلاة ولا في غيرها ، لا لعذر ولا لغيره [1] . ومما يؤكد كذب أصل خبر أمره أبا بكر بالصلاة : كون أبي بكر [2] في ذلك الوقت في جيش أسامة في خارج المدينة ، الذي أصر صلى الله عليه وآله على الخروج معه ولعن من تخلف عنه [3] . . فإنه صلى الله عليه وآله لا يعود - والحال هذه - فيستخلفه في الصلاة . وأيضا : فإنه صلى الله عليه وآله كان ملتزما بالحضور للصلاة بنفسه ، فقد صلى بالناس حتى آخر يوم من حياته ، وفي مرضه . . إلا الصلاة الأخيرة من عمره الشريف ، حيث اشتد حاله فلم يحضر [4] وهذه هي الصلاة التي جاء أبو بكر ليصليها بالناس ، فلما علم النبي صلى الله عليه وآله بذلك خرج مع شدة حالته ، معتمدا على رجلين أحدهما علي عليه السلام [5] . فصلى تلك الصلاة أيضا بنفسه لأنه لم يكن قد أمره بذلك . . ولو فرض أنها كانت بأمره فقد عزله . . ولو فرض أنه أمره ولم يعزله . . فليس أبو بكر وحده الذي يكون قد صلى بالناس بأمر منه ، فقد استخلف رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة بالناس حتى ابن أم مكتوم الأعمى . . ولم يدع الخلافة ولا ادعاها أحد له لذلك . ولذا ترى بعضهم - كشارح المواقف - يضيف إلى دعوى الاستخلاف دعوى صلاته صلى الله عليه وآله وسلم خلفه . . لكنها دعوى باطلة ليس لها مستند معتبر .
[1] فتح الباري : 3 / 139 ، نيل الأوطار 3 / 195 ، السيرة الحلبية 3 / 365 . [2] فتح الباري 8 / 124 . [3] الملل والنحل 1 / 29 ، شرح المواقف 8 / 376 . [4] صحيح البخاري - بشرح ابن حجر - 2 / 137 باب : إنما جعل الإمام ليؤتم به . [5] عمدة القاري 5 / 187 ، فتح الباري 2 / 123 ، الكواكب الدراري 5 / 52 .