يمثل بعض علمائنا ويقول : لو أن أحدا ادعى تمكنه من المشي على الماء ، يكذبه الحاضرون ، وكل من يسمع هذه الدعوى يقول : هذا غير ممكن ، فإذا مشى على الماء وعبر النهر مرة يزول الاستغراب أو الاستبعاد من السامعين بمقدار هذه المرة ، فإذا كرر هذا الفعل وكرره وكرره أصبح هذا الفعل أمرا طبيعيا وسهل القبول للجميع ، حينئذ هذا الاستبعاد يزول بوجود نظائر ذلك . إلا أن ابن تيمية ملتفت إلى هذه الناحية ، فيكذب أصل حياة الخضر ويقول : بأن أكثر العلماء يقولون بأن الخضر قد مات ، فيضطر إلى هذه الدعوى ، لأن هذه النظائر إذا ارتفعت رجع الاستبعاد مرة أخرى . لكنك إذا رجعت مثلا إلى الإصابة لابن حجر العسقلاني [1] لرأيته يذكر الخضر من جملة الصحابة ، ولو رجعت إلى كتاب تهذيب الأسماء واللغات للحافظ النووي [2] الذي هو من علماء القرن السادس أو السابع يصرح بأن جمهور العلماء على أن الخضر حي ، فكان الخضر حيا إلى زمن النووي ، وإذا نزلت شيئا فشيئا تصل إلى مثل القاري في المرقاة [3] وتصل إلى مثل شارح المواهب اللدنية ، هناك يصرحون كلهم ببقاء الخضر إلى زمانهم ، وحتى أنهم ينقلون قصصا وحكايات ممن التقى بالخضر وسمع منه الأخبار والروايات ، فحينئذ تكذيب وجود الخضر من قبل ابن تيمية إنما
[1] الإصابة 2 / 114 - 115 - دار الكتب العلمية - بيروت . [2] تهذيب الأسماء واللغات 1 / 176 رقم 147 - دار الكتب العلمية - بيروت . [3] مرقاة المفاتيح للقاري 9 / 692 كتاب الفتن .