والقياس » . [1] ولذلك لا ينظر المدنيون بعين الرضا إِلى العلماء العراقيين ، وهذا سعيد بن المسيب يضيق صدره بسؤال تلميذه ربيعة الرأي عندما يناقشه في أَرش الأَصابع ، ويتّهمه بأنّه عراقي ، فيقول له : أَعراقي أَنت ؟ ! [2] وفي العراق أَيضاً في الصدر الأَوّل كان الشعبي ، وإِبراهيم النخعي ممثلين عن الطائفة الأَولى والثانية ، لأنَّ الشعبي كان صاحب الآثار ، وإِبراهيم صاحب القياس . [3] ويروي الشعبي ما يقلل من شأن الرأي ، وينفّر منه ، فقد سئل عن شيء فلم يجب عنه ، لأنّه لم يكن يحفظ فيه أَثراً ! فقيل له : قل برأَيك ؟ قال : « وما تصنع برأَيي ؟ بُلْ على رأَيي » ! . [4] ومثله قوله : « أَرأَيتم لو قُتل الأَحنف بن قيس ، وقتل معه صغير ، أَكانت ديتهما سواءً ، أَم يُفضَّل الأَحنف لعقله وعلمه ؟ قالوا : بل سواء ! قال : فليس القياس بشيء » . [5] وقال الأَعمش : « ما ذكرت لإبراهيم حديثاً قط إِلاّ زادني فيه ، لكنه مع هذا العلم بالحديث والدراية بنقده لم يكن يرغب في الاشتغال بالرواية ، تورّعاً وخوفاً من الزلل .
[1] حلية الأَولياء 4 : 222 . [2] معاني الآثار 1 : 152 . [3] تذكرة الحفاظ 1 : 76 . [4] الطبقات الكبرى 6 : 174 ، تاريخ الاسلام حوادث 81 - 100 ص 130 . [5] تاريخ التشريع : 137 .