كابن عبادة حريّاً في نظر ابن الخطّاب بالقتل حتى لا تكون فتنة ولا يكون انقسام ؟ ! كان هذا أَولى بعنف عمر إِلى جانب غيرته على وحدة الإِسلام ، وبه تحدّث الناس ولهجت الأَلسن كاشفة عن خلجات خواطر جرت فيها الظنون مجرى اليقين ، فما كان لرجل أَن يجزم أَو يعلم سريرة ابن الخطّاب ، ولكنَّهم جميعاً ساروا وراء الخيال ، ولهم سندٌ ممّا عرف عن الرجل دائماً من عنف ومن دفعات ، ولعلَّ فيهم من سبق بذهنه الحوادث على متن الاستقراء ، فرأَى بعين الخيال قبل رأي العيون ، ثبات علي أَمام وعيد عمر لو تقدَّم هذا منه يطلب رضاءه وإِقراره لأبي بكر بحقِّه في الخلافة ، ولعلّه تمادى قليلا في تصوُّر نتائج هذا الموقف وتخيّل عقباه ، فعاد بنتيجة لازمة لا معدّى عنها ، هي خروج عمر عن الجادَّة ، وأَخذه هذا « المخالف » العنيد بالعنف والشدَّة ! وكذلك سبقت الشائعات خطوات ابن الخطاب ذلك النهار ، وهو يسير في جمع من صحبه ومعاونيه إِلى دار فاطمة ، وفي باله أَن يحمل ابن عمِّ رسول الله إِن طوعاً وإِن كرهاً على إِقرار ما أَباه حتّى الآن . وتحدَّث أُناس بأنَّ السيف سيكون وحده متن الطاعة ! . . . وتحدَّث آخرون بأنَّ السيف سوف يلقى السيف ! . . . ثمَّ تحدَّث غير هؤلاء وهؤلاء بأنَّ « النار » هي الوسيلة المُثلَى إِلى حفظ الوحدة وإِلى « الرضا » والإِقرار ! . . . وهل على أَلسنة الناس عقالٌ يمنعها أَن تروي قصَّة حطب أَمر به ابن الخطّاب فأحاط بدار فاطمة ، وفيها عليٌّ وصحبه ، ليكون عدة الإِقناع أَو عدة الايقاع ؟ . . . على أَنَّ هذه الأَحاديث جميعها ومعها الخطط المدبَّرة أَو المرتجلة كانت كمثل الزبد ، أَسرع إِلى ذهاب ومعها دفعة ابن الخطاب ! . . أَقبل الرجل محنقاً مندلع الثورة ، على دار عليٍّ وقد ظاهره معاونوه ومن جاء بهم فاقتحموها أَو أَوشكوا على اقتحام ، فإذا وجه كوجه رسول الله يبدو بالباب حائلا من حزن ، على قسماته خطوط آلام ، وفي عينيه لمعات دمع ، وفوق جبينه عبسة غضب فائر وحنق ثائر . . .