ولذلك لم يُصرِّح باسم مخالفهِ أَو صفته ، وإِنَّما عبَّر عنه بقوله : « وقال بعض الناس » . وقد ذكر البخاري هذه الجملة في صحيحه عدة مرات ، معرّضاً بأهل الرأي ، رادَّاً عليهم ، مُبيِّناً تناقضهم . ولا شكّ في أَنَّ موضوعات الخلاف بينه وبين أهل الرأي ليست مقصورة على المسائل التي ردَّ فيها على قول : « بعض الناس » ، بل توجد مسائل أَخرى لم يرض البخاري عن مسلك أَهل الرأي إِزاءها ، وأَثبت في صحيحه مذهبه فيها ، وإِن لم يُعْنَ ببيان رأي مخالفيه ، بل أنَّه قد أفرد بعضاً من هذه المسائل بمؤلفات خاصة ، مثل : رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه في جزء : « رفع اليدين » [1] ومثل : القراءة خلف الإِمام في جزء : « القراءة خلف الإِمام » [2] فمن هذه المسائل التي قرّر البخاري فيها رأَيه وردّ ضمناً على أَهل الرأي دون أَن يشير إِليهم ما يأتي : 1 - حقيقة الخمر ومسمّاها . . . 2 - شرط المِصْر في الجمعة . . . . 3 - نصاب الزكاة في الزروع والثمار . . . 4 - الطلاق قبل النكاح . . . 5 - طلاق السكران والمكره والغاصب . . . . وهناك العديد من الأَمثلة - غير ما تقدم - يمكن تتبعه في مسائل الخلاف ، وقد ذكرنا بعضها في الفصل السابق ، فيما أَشرنا فيه إِلى البخاري كمرجع لبعض المسائل المختلف فيها . لكن البخاري في هذه المواضع التي يبدي فيها رأَيه لا يعني بالضرورة أَنّه يقصد
[1] هو كتابه « قرة العينين برفع اليدين في الصلاة - المطبوعة » . [2] وهو كتابه « خير الكلام في القراءة خلف الإِمام - المطبوعة » .