كتابه « القراءة خلف الإِمام » وهذه المسألة أَيضاً من المسائل الخلافية التي دارت عليها المنازعات والمخاصمات بين الطائفتين . فإنّ القراءة خلف الإِمام تختلف باختلاف الأَئمّة ، وكيفية اتِّخاذهم الأَدلة في ذلك : - فقد ذهب أَبو حنيفة إِلى تركها خلف الإِمام مطلقاً . [1] - وآخرون إِلى تركها في حالة جهر الإِمام بالقراءة دون إِخفاته . - والثالث إِلى وجوب القراءة في الصلوات كلها منفرداً أَو مأموماً ، في حالتي الجهر والإِخفات . وقد أَلّف البخاري هذا الجزء ، وناقش فيه أَدلة أَهل الرأي مفنِّداً إيّاها ، ومشيراً إِليهم بنفس العبارة التي استعملها في « الصحيح » بقوله : « وقال بعض الناس » . وقد بدأَ غرضه لموضوع « القراءة خلف الإِمام » بذكر الروايات الواردة في هذا الباب : « لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرأَ بِفاتِحَةِ الْكِتاب » [2] « كُلُّ صَلاة لَم يُقْرأَ فِيها بأُمّ الكِتاب فَهِي خِداجٌ » [3] « مَنْ صَلَّى وَلَم يَقْرأَ بِأُمِّ القُرآنِ ، فَهِي خِداجٌ ( ثلاثاً ) ، غَيْرُ تَمام » . [4] وقد ناقش الحنفية هذه الأَحاديث ، لأنَّ الكلام عندهم في مسألة القراءة خلف الإِمام : يجوز أَن تكفي قراءة الإِمام قراءة المأموم .
[1] معاني الآثار للطحاوي 1 : 127 - 129 ، الهداية 1 : 36 . [2] نصب الراية 1 : 365 . [3] نصب الراية 2 : 18 . ومعنى خداج : نقصان - الصحاح 1 : 309 [ خدج ] . [4] مسند أَبي عوانة 2 : 127 ، صحيح مسلم رقم 38 - 40 - 41 ، الترمذي رقم 312 النسائي رقم 135 . مسند أَحمد ، 2 : 250 و 285 و 487 و 6 : 142 . السنن الكبرى للبيهقي 2 : 39 و 40 و 159 و 167 ، مشكل الآثار 2 : 23 ، خير الكلام في القراءة خلف الإِمام ، للبخاري .