وانه لمن الضروري أَن تكون الحقيقة ، والحقيقة فقط هي الغاية والهدف ، خاصة في هذا العصر الذي يشهد تسارعاً في الحركة الثقافية بهذا الإِتجاه . وما هذه الدراسة سوى جهد متواضع يناقش صحيح البخاري والفقه الحنفي ودور الساسة في صياغة بعض الأَفكار والاتجاهات وطريقة التدوين وظروفها . وجدير ذكره أَن حركة التدوين قد بدأَت وانتهت في ظل العهد الأَموي ، فصدرت نسخة حكومية عن السُّنة النبوية ، ولكن الصحاح الستة وأئمة المذاهب لم يعرفوا في الأَقاليم والحواضر الإِسلامية ولم يبلغوا تلك الشهرة إِلاّ في العصر العباسي . وفي كلا العصرين كانت الأَبواب مشرعة للعبث والتزوير والوضع في السُّنَّة النبوية الشريفة فيما نرى إِقصاءً متعمداً لأهل البيت كأحد الينابيع الصافية الثرة للسُّنة المحمدية . ولقد حوصرت بيوت أَهل البيت ، لأنّ الملوك إِذا دخلوا قرية أَفسدوها ، وظهر الصدع في الأمة الواحدة ، وافترقت فرقاً شتى فكانت طائفة تدين بالقدرية ، وأَخرى مرجئية ومشبهة وطوائف وفرق أَخرى معتزلة ، وأَشعرية ، وخوارج ، والغلاة . . وافترق شمل المسلمين فهذا طاعن على الحديث معرض عنه ، وآخر مقبل عليه متمسك به لا يدرى أَغثٌ هو أَم سمين ! ! ولماذا تزخر الصحاح بالأخبار والروايات عن الضعفاء والمجروحين وعن الذين اشتهروا بتزوير الأَحاديث والوضع ، وعن الذين امتهنوا حرفة التدليس ، ولم تؤخذ عن أَهلها ؟ والسؤال الكبير الذي يرافق حركة العصور حتى اليوم ، هو لماذا لم تؤخذ سنة النبي 6 عن أَهل بيته الذين لو كان يخص بالعلم أَحداً لكان هم أَولى ، وللعلم خزائن يقسمه الله لمن أَحب [1] ! ؟ .
[1] المعرفة والتاريخ 1 : 395 ، تاريخ مدينة دمشق 40 : 393 .