ولا يخفى أَنَّ ذكر المؤلف لابد أَن يأتي في بدء السند ، وفيما ذكرنا قد لا حظت وقوعه في غير محله ! ! . وانّنا نبحث في « صحيح البخاري » على فرض صحة نسبة الكتاب جميعه إِلى المؤلف ، والعهدة في الإِشكالات الواردة على من يتولاّه . ونقول : ليس البخاري ولا مسلم بجامع للأخبار الصحاح كلها ، كما توهّم بعضُ مَنْ ليس هو من أَهل الحديث ، ويقول بعدم صحة كل حديث لم يخرج في الصحيحين ، بينما المشهور هو أَنَّهما « لم يستوعبا الصحيح ولا التزماه » . [1] ولقد كان على المؤلف أَن يصدّر كتابه بمقدمة يذكر فيها الهدف من تأليفه ، ويشرح فيها منهجه عند التأليف والتبويب والتكميل ، كما افتتح محمد بن مسلم القشيري النيسابوري صاحب « الصحيح » بداية كتابه بتفصيل ذلك . وأَمَّا البخاري - كما هو ظاهر - فقد افتتح كتابه بقوله : « حدَّثَنا الحُميدي . . . . وإِنّما الأَعمال بالنّيّات . . . » . وحيث لم يُعلم أَحداً بسرِّ ترتيبه وتصنيفه فقد يستكشف هذا السرّ ، ويستنبط من افتتاحه وترتيبه واختتامه ما يستفاد من إِشاراته ، فإنّه لا يخفى على أَحد من أَهل العلم - كما ذكر في ترجمة الحُميدي - أَنّه لا يرى لأبي حنيفة ولا لأتباعه قيمة في العلم والعمل ، ويعبر عنه : ب « أَبي جيفة » ، ويقول بوجوب محاربتهم . كما أَنّهم أَيضاً يرون أَنّه من المنحرفين ، وقد ذكرنا سابقاً عن كتاب « أَبو حنيفة النعمان » لوهبي سليمان غاوجي ، قوله : « لقد صحب الإِمام البخاري ، بعض المتحاملين على الإِمام أَبي حنيفة ، كالحميدي ، وإِسماعيل بن عرعرة . . . وغيرهما ، وتأثر بأقوالهم فيه ، ودوَّن في تاريخه ما