في فكرته وتجاوز عن حدّ فطرته ، وربما يجدون الترجمة ومعها حديث يتكلّف في مطابقته لها جدّاً ، ويجدون حديثاً في غيرها هو بالمطابقة أَولى وأَجدى ، فيحملون الأَمر على أَنّه كان يضع الترجمة ويفكر في حديث يطابقها ، فلا يعن له ذكر الجليّ فيعدل إِلى الخفي . . . إِلى غير ذلك من التقادير التي فرضوها في التراجم التي انتقدوها فاعترضوها » . [1] نعم ! ومما اعترضوا على البخاري عدم معرفته بعلم الفقه ، ويذكرون لذلك أَمثلة : منها : ما ذكره أَبو البركات في « كشف الأَسرار » من كتب الأُصولية للحنفية ، أَنَّه قال : المحدِّثُ غير الفقيه يغلط كثيراً ، فقد روي عن محمد بن إِسماعيل صاحب « الصحيح » أَنَّه استفتي في صبيَّين شربا من لبن شاة ، فأَفتى بثبوت الحرمة بينهما . وأُخرج به من بخارى ، إِذ الأُختيَّة تتبع الأُمِّيَّة ، والبهيمة لا تصلح أُمَّاً للآدمي ! . وقد أَجابوا في ذلك عند الدفاع عن البخاري ، بأنَّ هذه النسبة إِلى البخاري لَمُختلقة ، وسببها الحسد من ناحية أَتباع أَبي حنيفة نصرة لإمامهم . وقال في ذلك جمال الدين القاسمي في كتابه « حياة البخاري » : « إِنَّ المفتري لهذه الحكاية أَراد أَن يثأر لأبي حنيفة » . [2] وكما يأتي ، فإنّ البخاري يسلك في فقهه مسلك المعاند عند بيان مخالفته لأبي حنيفة في صحيحه وفي كتبه الاُخرى الموجودة : - « رفع اليدين في الصلاة » ، و « القراءة خلف الإِمام » ، فإنّه عرّف نفسه ، وعرّف قيمة فقهه في بيان مذهبه .
[1] المتواري في تراجم أَبواب البخاري : 36 - 37 مكتبة المعلّى - الكويت . [2] حياة البخاري للقاسمي : 48 . وأَبو البركات هو عبد الله بن أَحمد بن محمود النسفي الحنفي المتوفى 710 ه .