ولا شبهة لمسلم في أَنّ النبي الخاتم ( صلى الله عليه وآله ) أَفضل الأَنبياء وأَشرفهم في الدنيا والآخرة ، وشريعته خاتمة الشرائع وناسختها ، فلا يبقى بعد ذلك مجال للتبرير والدفاع عن هذه الروايات في البخاري وغيره من الكتب ! . ويعدُّ من ذلك أَيضاً روايته في جواز الكذب على الأَنبياء : حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ مَحبُوب : حَدَّثَنا حَمادُ بنُ زَيد ، عَن أَيُّوبَ ، عَن مُحَمَّد ، عَن أَبي هُرَيرَةَ ، قالَ : لَمْ يَكْذِب إِبراهِيمُ ( عليه السلام ) إِلاّ ثَلاثَ كَذَبات ، ثِنْتِينِ مِنهِنَّ في ذاتِ اللهِ عَزَّ وجلَّ : قُولُه : « إِنِّي سَقِيمٌ » ، وَقُولهُ : « بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هذا » . وَقالَ : بَيْنا هُوَ ذاتَ يَوم وَسارَةُ إِذ أَتَى عَلَى جَبّار مِن الجَبابِرَةِ فَقيلَ لَهُ : إِنّ ههنا رَجُلاً مَعَهُ امْرأَةٌ مِنْ أَحسَنِ النّاسِ ، فَأرْسَلَ إِلَيهِ فَسَألَهُ عَنْها ، فَقالَ : مَن هذه ؟ قالَ : أُخْتي ، فَأتى سارَةَ ، قالَ : يا سارَةُ ! لَيسَ عَلَى وَجهِ الأَرضِ مُؤمِنٌ غَيري وَغَيرُكِ ، وَإِنَّ هذا سَألَني عَنكِ ، فَأخْبَرتُهُ : أَنّكِ أُختي ، فَلا تُكَذِّبيني ! فَأرْسَلَ إِلَيها ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيهِ ذَهَبَ يَتَناوَلُها بِيَدِهِ ، فَأُخِذَا فَقالَ : ادْعِي اللهَ لي وَلا أَضُرُّكِ . . . الخ » . [1] وهذه الرواية أَيضاً ، لا تنسجم مع عقيدة المسلم في الأَنبياء ، لأنَّ الكذب من الكبائر ولا يصح إِطلاقه نسبته إِلى الأَنبياء . ولذلك قال الفخر في تفسيره « الكبير » : « لا يحكم بنسبته الكذب إِليهم إِلاّ الزنديق » . [2] وقال أَيضاً : « لا ينبغي أَن يقبل هذا الحديث ، لأنّ نسبة الكذب إِلى إِبراهيم لا تجوز » .
[1] صحيح البخاري 4 : 112 كتاب بدء الخلق ، باب قول الله : ( واتّخذ الله إبراهيم خليلاً ) ط باموق استانبول ، وفتح الباري 6 : 302 . [2] التفسير الكبير ، 22 : 185