قضية مطلقة ، لا تخرج إلى عالم الوجود . مثلا إذا كان قيام زيد مشروطا بقيام عمرو ، قيامه مشروطا بقيام بكر ، وهكذا دواليك إلى غير النهاية ، فلن يتحقق القيام عندئذ من أي واحد منهم أبدا - كما إذا شرط الأول إمضاءه للورقة بإمضاء الثاني ، والثاني بإمضاء ثالث وهكذا ، فلن تمضى تلك الورقة إلى الأبد - إلا إذا انتهت تلك القضايا إلى قضية مطلقة بأن يكون هناك من يقوم أو يمضي الورقة من دون أن يكون فعله مشروطا بشئ . فهذه المعاليل المتسلسلة - بما أن وجود كل منها مشروط بوجود علة تتقدمه تكون قضايا مشروطة متسلسلة غير متناهية فلا تخرج إلى عالم الوجود ما لم تصل إلى قضية مطلقة ، أي إلى موجود يكون علة محضة ولا يكون وجوده مشروطا بوجود علة أخرى ، وعندئذ يكون ما فرضناه متسلسلا غير متسلسل ، وما فرضناه غير متناه متناهيا . فقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أن فرض علل ومعاليل غير متناهية ، فرض محال لاستلزامه وجود المعلول بلا علة . فيكون الصحيح خلافه أي انقطاع السلسلة ، إذ لا واسطة بين الايجاب والسلب [1] . إلى هنا تمت المقدمات التي لها دور في توضيح برهان الإمكان وإليك نفس البرهان . تقرير برهان الإمكان لا شك إن صفحة الوجود مليئة بالموجودات الإمكانية بدليل أنها توجد
[1] إن بطلان التسلسل من المسائل المهمة في الفلسفة الآلهية وقد طرحه الفلاسفة في أسفارهم وأثبتوا البطلان بحجج كثيرة تناهز العشر . ولكن أكثرها غير مقنع لأنهم استدلوا على البطلان بالبراهين الهندسية التي لا تجري إلا في الأمور المتناهية وما ذكرناه من البرهان ، برهان فلسفي محض مقتبس من أصول الحكمة المتعالية التي أسسها صدر الدين الشيرازي وأرسى قواعدها تلامذة مدرسته وأبرزهم في العصر الأخير سيدنا الراحل المغفور له العلامة الطباطبائي قدس سره .