المراتب فإذا كانت مؤثرة في مرتبة كالواجب ، يجب أن تكون مؤثرة في غيرها أخذا بوحدة الحقيقة السائدة على المراتب . نعم يمكن أن يقال إن التأثير من آثار شدة الوجود وقوته ، فلا يصح تعميم أثر مرتبة إلى أخرى . ولكنه ليس بكلام تام ، لأن الشدة ليست شيئا زائدا على نفس الحقيقة بل الشدة شدة الحقيقة وتأكدها ، فإذا كانت الشدة من سنخ الوجود والحقيقة ، يقتضي ذلك أن يكون الأثر لحقيقة الوجود ، غاية الأمر كما تختلف المراتب من حيث الشدة والضعف ، تختلف آثارها كذلك أيضا . فالحقيقة في جميع المراتب واحدة تختلف بالشدة والضعف ، والأثر المترتب على الحقيقة واحد لكنه يختلف بالشدة والضعف أيضا . ولأجل ذلك نرى أنه سبحانه يحكي سريان العلم إلى جميع الموجودات حتى الجمادات بقوله : * ( يصبح له ما في السماوات والأرض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ، إنه كان حليما غفورا ) * [1] . فالله سبحانه عالم ، كما أن غيره عالم ، ولكن يختلف الأثر باختلاف الموضوع . وبذلك يظهر أن القول بحصر الخالقية بالله سبحانه ونفيها عن غيره بتاتا ، حتى بنحو المعنى الحرفي ، يخالف الآيات القرآنية أولا ، والفطرة الإنسانية ثانيا ، والبرهان الفلسفي ثالثا . غير أن إكمال البحث يتوقف على تحليل ما اعتمد عليه الأشعري من البرهان العقلي في هذا المقام . الأدلة العقلية على خلق الأعمال إن الشيخ الأشعري وتلاميذ منهجه أقاموا حججا وأدلة ، بل شبهات وتشكيكات على خلق الأعمال ، وأن أعمال العباد مخلوقة لله سبحانه