responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 605


في الفصل الرابع ، وإنما ينكر أن يكون القضاء والقدر مبررين لطغيان الطغاة وجرائم الطغمة الأثيمة من الحكام . فبالنتيجة كان معبد وأستاذه الحسن من دعاة القول بالاختيار لا من دعاة منكري القضاء والقدر . ولما كان الأمويون ، يرون أن القول بالقضاء والقدر يساوق الجبر وسلب الاختيار ، اتهموا القائلين به بنفي القضاء والقدر مع أن بين القول بالاختيار ونفي القدر بونا بعيدا .
ويشهد على ذلك أيضا أن غيلان يعرب عن عقيدته في محاجته مع عمر بن عبد العزيز بالاستشهاد بقوله سبحانه : * ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) * ، فالرجل كان يتبنى الاختيار ويكافح الجبر ، لا أنه كان ينكر ما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة . كما أنه في محاجته مع ميمون بن مروان أعرب عن عقيدته بقوله : " أشاء الله أن يعصى ؟ " قائلا بأنه ليس هناك مشيئة سالبة للاختيار جاعلة الإنسان مشاهدا في مسرح الحياة .
وأظن أن اتهام الرجلين ومن جاء بعدهما بالقدرية تارة ( نفي القضاء والقدر بالمعنى الصحيح ) أو بالتفويض وأن الإنسان في غنى عن الله تعالى في أفعاله ، أخرى ، لم يكن في محله . فهؤلاء كانوا يكافحون فكرة الجبر لا نصوص الكتاب والسنة . وأما فكرة التفويض فإنما تمحضت ونضجت إثر إصرار الأمويين على الجبر ، واتخذته المعتزلة مذهبا في النصف الثاني من القرن الثاني ، وإلا فالمتقدمون عليهم حتى مؤسس الاعتزال واصل بن عطاء مبرؤون عن فكرة التفويض .
فالقول بالتفويض الذي هو صورة مشوهة للاختيار ، إنما تولد من إصرار الأمويين والمتأثرين بهم من أهل الحديث على القول بالجبر من جهة ، وإصرار هؤلاء الأقدمين على اختيار الإنسان وحريته في مجال الحياة وإلا لم يكن من التفويض أثر في كلمات الأقدمين .
ومن الأسف أن القول بالجبر قد بقي بين المسلمين بصورة خاصة حتى في المنهج الذي ابتدعه إمام الأشاعرة ، إلى العصور الحاضرة . والمنكر إنما ينكر بلسانه ولكنه موجود في المنهج الذي ينتسب إليه .

605

نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 605
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست