وخالقين ، وهؤلاء يقولون بأن هناك خالق لجميع الكائنات وهو الله سبحانه ، وخالق آخر بأفعاله وأعماله هو الإنسان ، فهو عندهم إله ثان . يلاحظ عليه ، أولا : إن تفسير القدرية بنفاة القدر بعيد جدا ، غير مأنوس في اللغة العربية ، فالمتبادر من القدرية هم القائلون بالقدر ، كما أن المتبادر من العدلية هم مثبتوا العدل لا نفاته ، فإطلاق القدرية وإرادة الطائفة النافية أشبه بإطلاق الحميرية والهذيلية وإرادة من لا يمت إليهما بصلة . وثانيا : إن القائلين بالقدر بالمعنى الذي عرفت ، لا ينقصون عن المفوضة في التشبه بالمجوس ، فإن القدر عندهم إله حاكم في الكون وأفعال الإنسان بل حاكم على أفعال الخالق وإرادته ومشيئته ، بحيث لا يمكن تغييره وتبديله ولا النقيصة والزيادة عليه . ولأجل ذلك يصبح الحديث على فرض صدوره على النبي مجملا لا يمكن الاحتجاج به على طائفة ، هذا . وقد وردت القدرية في المرويات عن أئمة أهل البيت واستعملت تارة في " المثبت للقدر " وأخرى في " نافيه " . أما الأول فمنه ما رواه الصدوق عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : " ما يستطيع أهل القدر أن يقولوا والله لقد خلق آدم للدنيا وأسكنه الجنة ليعصيه فيرده إلى ما خلقه " [1] . ومنه ما رواه الصدوق أيضا عن علي ( عليه السلام ) في حديثه مع الشيخ الشامي عند منصرفه من صفين حيث قال الإمام : فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر . فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي . فقال ( عليه السلام ) : " مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما . . إلى أن قال : تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمان وقدرية هذه
[1] البحار ، ج 5 ، باب القضاء والقدر ، الحديث التاسع ، ص 89 .