responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 543


وعلى هذين الأساسين ربما يتصور أن تعلق ذلك العلم بكل الأشياء عموما ، والأفعال الاختيارية للإنسان خصوصا ، يجعل الإنسان مجبورا مضطرا متظاهرا بالحرية والاختيار ، لأنه سبحانه إذا كان يعلم من الأزل ، أن هذا الشخص سيرتكب الذنب الفلاني في الساعة المعينة ، فبما أن العلم الإلهي لا يتخلف عن معلومه يجب أن يكون الشخص مصدرا لهذا الذنب ، ولا يستطيع ن يتخلف عنه بأية قوة وقدرة ، بل لا يستطيع أن يغير من كميته وكيفيته ، إذ تخلفه نفس تخلف علم الله عن الواقع ، وصيرورة علمه جهلا تعالى عنه .
أقول : إن هذا المقام هو المزلقة الكبرى للسطحيين الذين مالوا إلى الجبر ، لأجل كون أفعال العباد متعلقة لعلمه تعالى ، غير متخلفة عن متعلقها ولكنهم لو وقفوا على كيفية تعلق علمه بصدور أفعال العباد منهم ، لرجعوا عن هذا الحكم الخاطئ .
والجواب عن ذلك : إن علمه سبحانه لم يتعلق بصدور أي أثر من مؤثره على أي وجه اتفق ، وإنما تعلق علمه بصدور الآثار عن العلل مع الخصوصية الكامنة في نفس تلك العلل . فإن كانت العلة علة طبيعية فاقدة للشعور والاختيار أو واجدة للعلم فاقدة للاختيار ، فتعلق علمه سبحانه بصدور فعلها وأثرها عنها بهذه الخصوصية ، أي أن تصدر الحرارة من النار من دون أن تشعر فضلا عن أن تريد ، ويصدر الارتعاش من الإنسان المرتعش عن علم ولكن لا بإرادة واختيار ، فالقول بصدور هذه الظواهر عن عللها بهذه الخصوصية يستلزم انطباق علمه على الواقع وعدم تخلفه عنه قيد شعرة .
وإن كانت العلة عالمة وشاعرة ومريدة ومختارة كالإنسان فقد تعلق علمه على صدور أفعاله منه بتلك الخصوصيات وانصباغ فعله بصبغة الاختيار والحرية فلو صدر فعل الإنسان منه بهذه الكيفية ، لكان علمه مطابقا للواقع غير متخلف عنه ، وأما لو صدر فعله عنه في هذا المجال عن جبر واضطرار بلا علم وشعور ، أو بلا اختيار وإرادة فعند ذلك يتخلف علمه عن الواقع .

543

نام کتاب : الإلهيات نویسنده : شيخ حسن محمد مكي العاملي    جلد : 1  صفحه : 543
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست